للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكره ابنُ العِمادِ (١)، وقال: وُلدَ بالقاهِرَة، سَنَة خمسٍ، أو سِتٍّ وثلاثينَ وثمانِ مئة. وسَمِعَ على الحافِظِ ابنِ حَجَر، وغَيرِه. واشتغلَ في الفِقه على عالِم الحَنابِلَة جمالِ الدِّين بنِ هِشام، ولازمَ العِزَّ الكِنانيَّ، وجدَّ واجتَهَد، وقرأ الكثيرَ من العُلومِ وحقَّقها، وحصَّلَ أنواعًا من الفُنون وأتقَنها، وبرَعَ في المَذهب، وصارَ من أعيانِهِ. وأخذَ عن عُلماءِ الدِّيار المِصرِيَّة وغَيرِهم ممَّن وردَ إلى القاهِرَة. وأتقَن العربيَّةَ، وغيرَها من العُلوم الشَّرعِيَّة والعَقِليَّةِ، وتميَّز، وفاقَ أقرانَه، ولزِمَ خِدمةَ شَيخِه القاضِي عزِّ الدِّين، وفضلَ عَليهِ، فاسْتَخلَفَه في الأحكام الشَّرعيَّة، وهو شَابٌّ ابنُ خمسٍ وعَشرِينَ سَنةٍ أو نحوِها. وأذِنَ له في الإفتاءِ والتَّدريسِ، وشَهدَ بأهلِيَّتهِ، ونَدبَهُ للوَقائِع المُهمَّة، والأُمورِ المُشكِلَة، فسادَ على أبناءِ جِنْسِه، وعَظم أمرُه، وعَلا شأنُه، واشتَهر صيتُه، وأفتى ودرَّس، وحجَّ إلى بَيتِ الله الحَرام، وقرأ على القاضِي علاءِ الدِّين المَرْداوِي لمَّا توجَّه إلى القاهِرَة كتابَه "الإنصاف"، وغيرَه، ولازَمَه، فشَهِدَ بفَضْلِهِ، وأذِنَ له بالإفتاءِ والتَّدريسِ أيضًا. ولم يَزلْ أمرُه بازدِيادٍ، وعِلمُه في اجتِهادٍ. وباشرَ نيابةَ الحُكم أكثرَ من خمسَ عشرةَ سنة، وصارَ مُفتي دارِ العدلِ. وكانَتْ مُباشَرتُه بِعِفَّة ونَزاهة، ثم وَلِيَ قضاءَ القُضاة بالدِّيار المِصْريَّة بعدَ موتِ شيخِهِ العزِّ الكِنانِي، فحصَلَ بتولِيتَه الجمالُ لممالك الإسلام، وسلكَ أحسنَ الطُّرقِ من النَّزاهةِ والعِفَّة، حتَّى في قَبول الهَدِيَّة. وصنَّفَ "مناسِكَ الحَجَّ" على الصَّحيح من المَذهب، وهُو كتابٌ في غايةِ الحُسن. وبالجُملة فَقَد كانَ آيةً باهرةً من حَسناتِ الدَّهر، ذكرهُ تلميذُه العُلَيمي في "طبقاته"، وهو آخِرُ من ذكَرَهُم فيها، إلَّا أنه قالَ: توفَّي فجأةَ ليلةَ الثُّلاثاء، ثالث ذي القعْدة، سَنةَ تسعِ مئة، والله أعلم. انتهى.

وذكره الزِّرِكْلي (٢)، وقال: له "الجَوهرُ المُحصَّل في مناقِبِ أحمد بن حنبل".

٢٤١٥ - (ت ٩٠٠ هـ): يحيى بنُ كريم الدِّين عبدِ الكرَيم بن


(١) شذرات الذهب: ٧/ ٣٦٦.
(٢) الأعلام: ٧/ ٥٢.