[(كيفية خروجه من دار المعتصم وتلقي المشايخ إياه بعد المحنة ودعائهم له، وجعله المعتصم في حل من ضربه ومن حضر، وبقاء أثر الضرب عليه، وتحديثه بعد المعتصم، وقصته مع الواثق ومع المتوكل)]
قال أحمد: لما ضربت بالسياط جاء ذاك الطويل اللحية - يعني عجيفًا - فضربني بقائم السيف، فقلت: جاء الفرج يضرب عنقي وأستريح. فقال له ابن سماعة: يا أمير المؤمنين، اضرب عنقه ودمه في رقبتي. فقال ابن أبي دؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل فإنه إن قتل ومات في دارك قال الناس: صبر حتى قتل. فاتخذه الناس إمامًا، وثبتوا على ما هم عليه، ولكن أطلقْهُ الساعة، فإن مات خارجًا من منزلك شك الناس في أمره، وقال بعضهم: لم يجبه. فيكون الناس في شك من أمره. ودعا المعتصم بعمي ثم قال للناس: تعرفونه؟ قالوا: نعم، هو أحمد ابن حنبل. قال: فانظروا إليه، أليس هو صحيح البدن؟ قالوا: نعم. ولولا أن فعل ذلك لكنت أخاف أن يقع شر لا يقام له، فلما قال: أسلمته إليكم صحيح البدن. هدأ الناس وسكنوا، واجتمع الناس على الباب، وضجوا حتى خاف المعتصم، فخرج ..
وأما تلقي المشايخ إياه بعد المحنة ودعائهم له.
فقد تلقاه يعقوب بن إبراهيم لما أخرج، وصار يقبل جبهته ووجهه، وكذلك فعل سليمان بن داود الهاشمي، فكان يقبل جبهته ووجهه ورأسه.
وجاءه الحارث بن مسكين فدخل عليه، فقال له أحمد: ضُربت فسقطت، فقال ابن أبي دؤاد: يا أمير المؤمنين، هو والله ضال مضل. فقال الحارث: قد سعي بالزهري حتى ضرب بالسياط فقيل لمالك بن أنس: إن الزهري قد أقيم للناس، وعلقت كتبه في عنقه. فقال مالك: قد ضرب سعيد بن المسيب بالسياط، وحلق رأسه ولحيته، وضرب أبو الزناد بالسياط، وضرب محمد بن المنكدر وأصحاب له في