في تفسيرها فإذا هو قد قال الحسن: إذا كان يوم القيامة جثت الأمم كلها بين يدي الله عزّ وجلّ، ثم نودي أن: لا يقوم إلا من أجره على الله. فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا. وقد وجَّه إليّ الواثق أن أجعل المعتصم في حل من ضربه إياي، فقلت: ما خرجت من داره حتى جعلته في حل. وسألني إسحاق بن إبراهيم أن أجعل أبا إسحاق في حل، فقلت له: قد جعلته في حل. ثم قال: قد تفكرت في الحديث: "إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: لا يقم إلا من عفا". وذكرت قول الشعبي: إن يعف مرة يكن له من الأجر مرتين.
وقال الحسين بنُ عبد الله الخِرَقي: بتُّ مع أحمد بن حنبل ليلة فلم أره ينام إلا يبكي إلى أن أصبح، فقلت: يا أبا عبد الله، كثر بكاؤك الليلة، فما السبب؟ قال لي: ذكرت ضرب المعتصم إياي ومرّ بي في الدرس {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} فسجدت، وأحللته من ضربي في السجود.
وقال الحربي: أحل أحمد بن حنبل من حضر ضربه، وكل من شايع فيه، والمعتصم، وقال: لولا أن ابن أبي دؤاد داعية لأحللته. وكان أحمد: يقول جعلت المعتصم في حل، ومن تولى ضربي، ومن أعان، ومن حضر. وقلت: لا يعذب فيّ أحد إلا رجلين ابن أبي دؤاد وعبد الرحمن بن إسحاق فإنهما طلبا دمي، وأنا أهون على الله من أن يعذب فيَّ أحدًا، أشهدكم أنهما في حل.
وأما بقاء أثر الضرب عليه.
فقال صالح: نظر إلى أبي رجل ممن يبصر الضرب والعلاج فقال: قد رأيت من ضُرب ألف سوط، ما رأيت ضربًا مثل هذا! ثم أخذ ميلًا فأدخله في بعض تلك الجراحات، فنظر إليه فقال: إنه لم ينقب. وجعل يأتيه ويعالجه، وقد كان أصاب وجهه غير ضربة، ومكث منكبًا على وجهه ما شاء الله، ثم قال له: إن ها هنا شيئًا أريد أن أقطعه. فجاء بحديدة فجعل يعلق اللحم بها ويقطعه بسكين معه، وهو صابر لذلك، يحمد الله عزّ وجلّ في ذلك، فبرئ منه، ولم يزل يتوجع من مواضع منه، وكان أثر الضرب بينًا في ظهره إلى أن توفي رحمه الله. وكان يقول: لقد أعطيت