العَلَّامةُ المتفنَّنُ، النَّحْرِيرُ العارفُ بالله تعالى، أوْحَدُ عصْرِهِ فضلًا، وعلمًا، وإتقانًا، صاحبُ التآليفِ التي سارت شرقًا وغربًا، وتداولها النَّاس عَجَمًا وعُرْبًا، شيخُ أهلِ الحديث والأثر، جمالُ ذوي الأخبارِ والسَّيَر، حاملُ لواءِ المذهب، السَّالكُ في إقامةِ معالمِ السننِ خيرَ مَذْهب، المشتهر صيتُه في الأمصارِ، الطائرُ علمُه في الأقطار، بدرُ أُفُقِ الدَّيارِ المِصْرِيَّة والشاميَّة، شمسُ سماءِ العلومِ اللَّدنِيَّة والكَسْبِيَّة، جامعُ أشتاتِ العلوم والمعارفِ، وحاملُ لواءِ الفواصل والعوارفِ، مولدُه سنةَ اثنتين وستين وثمان مئة، ومشايخُهُ تزيد على مئة وثلاثينَ شَيخًا وشيخةً، منهم بدرُ الدين الصَّفَديُّ، الحَنْبَلي، والشَّهابُ أحمدُ بنُ علي الشيشيني، وغيرهما، وأخذ عنه جماعةٌ من الأئمة، منهم الإمامُ شمسُ الدين الرَّمْلِيُّ القاهريُّ صاحبُ "شرحِ المنهاج" المسمَّى "نهايةَ المحتاج"، ومفتي القدس الشيخُ سراجُ الدين عمرُ بنُ محمدٍ بنِ أبي اللطفِ المقدسيُّ، وتوفي سنة تسعٍ وأربعينَ وتسع مئة، وصُلَّي عليه غائبة بدمشق يومَ الجمعة، يومَ عيدِ الأضحى.
قال الشعرانيُّ في ترجمتِهِ: وهو آخر مشايخ الإسلام من أولادِ العَرَب انْقِرَاضًا، قال الغَزِّيُّ: قلت: هذا جارٍ على اصطلاحِهم في زمن الجَراكسة من تلقيب كل مَنْ وَلِيَ قضاءَ القضاة بشيخ الإسلام، والمراد أنَّهُ آخرُ قضاةِ القضاة من أبناء العرَبَ موتًا بالقاهرة انتهى.
قلتُ: من تصانيفهِ "شرحُ الوجيز" لم يكمل، وحاشية على "التنقيح المشبع" للمَرْدَاوي وغيرهما رحمه الله. انتهى من ترجمةٍ حافلةٍ جدًّا.
٢٥٧٩ - (ت ٩٥٥ هـ): عبدُ الله بنُ إبراهيم بن محمد الأكمل بن مفلح.
ذكره ابن أخيه في "تذكرته" وهو: محمد بن إبراهيم الأكمل المتقدم فقال ما نَصُّهُ من خطَّ شيخِنا ابنِ طولون في كتابه "التمتع بالأقران" في ترجمة عمي قاضي القضاة شرف الدين: إن مولده سنةَ ثلاثٍ وتسعينَ وثمان مئة، وإنَّ والده فوَّضَ إليه النَّيَابةَ في يومِ الجُمُعَة عاشِرِ المحرم، سنة إِحدى عشرةَ وتسع مئة، وتولى القضاءَ استقلالًا بعدَ والدِهِ في نصف ذي الحجة سنة تسع عشرة وتسع مئة.
قلت أنا: واستمرَ قاضيًا حنبليًا إلى أن انقرضت دولةُ الجراكسةِ سنةَ اثنتين