للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[(ذكر قصته مع المأمون وما جرى له بعد المأمون، وقصته مع المعتصم وبيان فضله في صبره وما أثمر له)]

أما قصته مع المأمون: فقد كتب المأمون وهو في الرقة إلى إسحاق بن إبراهيم صاحب الشرطة ببغداد بامتحان الناس، فامتحنهم.

قال أحمد: لما أدخلنا على إسحاق بن إبراهيم للمحنة قرئ علينا كتاب الذي صار إلى طرسوس، يعني المأمون، فكان فيما قُرئ علينا: (ليس كمثله شيء) (وهو خالق كل شيء) فقلت: (وهو السميع البصير).

قال صالح بن أحمد: ثم امتحن القوم، فوجَّه من امتنع إلى الحبس، فأجاب القوم جميعًا إلا أربعة: أبي ومحمد بن نوح، وعبيد الله بن عمر القواريري، والحسن بن حماد، ثم أجاب عبيد الله القواريري والحسن بن حماد، وبقي أبي ومحمد بن نوح في الحبس، فمكثا في الحبس أيامًا، ثم ورد الكتاب من طرسوس بحملهما، فحُملا مقيدَيْنِ ومغلين.

فقال أبو معمر القطيعي: لما حضرنا دار السلطان أيام المحنة، وكان أحمد بن حنبل قد أحضر، وكان رجلًا لينًا، فلما رأى الناس يجيبون انتفخت أوداجه واحمَّرت عيناه، وذهب ذلك اللين الذي كان فيه، فقلت: إنه غضب لله. قال أبو معمر: فلما رأيت ما به، قلت: يا أبا عبد الله أبشر، فقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم من إذا أُريد على شيء من دينه رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون.

وقيل لأحمد في أيام المحنة: يا أبا عبد الله، ألا ترى الحق كيف ظهر عليه الباطل؟ فقال: إن ظهور الباطل على الحق أن تنتقل القلوب من الهدى إلى الضلالة، وقلوبنا بعد ملازمة للحق.

وقال صالح: حُمل أبي ومحمد بن نوح مقيدين، فصرنا معهما في الأنبار،