ولد في بلد شَقْرَا من بلدان نَجْدٍ، وأخذَ العلمَ بها عن علمائها، ثم ارتحلَ إلى الرِّياضِ، وطلبَ العلمَ على علمائها، ثم رحلَ إلى الشامِ، فمصر، فاليمن، وطلب العلمَ في تلك البلادِ، وحصَّل، واستفادَ، وبلغَ المنى والمرادَ، وكان أديبًا شاعرًا، مؤرَّخًا كاتبًا، حاسبًا، وله في كل ذلك كتابات تدلُّ على سَعَةِ اطِّلاعه، وطول باعِهِ، وبالجملةِ فهو عزة دَهْرِهِ، ووحيد عصرِهِ، وكان عاقلًا ذكيًا، حلوَ المفاكهة، لا يَملُّ جَليسُه حديثَهُ، وكان على جانبٍ عظيمٍ من كَرَمِ الأخلاقِ، والسَّخَاءِ المُفرِط المتعدِّي الوصفِ، توفي رحمه الله في الثاني والعشرين من شهر شعبان، سنةَ تسعٍ وأربعينَ وثلاث مئة وألف.
٢٩٨٨ - (ت ١٣٤٩ هـ): الشيخُ عبد اللهِ بن خلف بن دَحْيَان، الكويتيُّ، الحنبليُّ، القاضي، العالم الفاضلُ، الفقيهُ، الفَرَضيُّ، النَّحويُّ، الأديبُ العابدُ الصَّالحُ، الوَرعُ الزَّاهدُ.
قرأ على الشيخ أحمد الفارِسي بالكُويت، وعلى الشيخ محمد بن عوجان الزُّبيري، ولَازَمَهُ، وبه تخرَّج في الفرائض، وقرأَ على الشيخ عبد الله بن حمُّود الزُّبيري، صاحب "زاد الفج في مناسك الحج"، وعلى الشيخ محمد أمين الشنْقِيطي في الكويت، وغيرِهم، وهو من أجلَّ علماءِ الكُويت في زمَنِهِ الَّذِين رأيتُهم بها، وأصلحهم، فقد امتاز رحمه الله على علمائها بالهدوء والسُّكون، وحُسن المُعاشرَة، والأخلاق الفاضلة، والآدابِ التي يُغبَطُ عليها مع العِبادةِ، والوَرَعِ والزُّهدِ والصَّلاحِ، ولأهل الكويت فيه اعتقادٌ عظيم، يَفُوق الوصفَ، بحيث إن أكثرهم يأتي من نواحيها يوم الجمعة للصَّلاة خَلْفَهُ، واستماع خطبَتِهِ، وبعد الصَّلاة يزُورونَه في بيته للسَّلام عليه واغتنام رؤيَتِهِ، ودعائِهِ، واستماع كلامِهِ، والاستفادةِ منه، وذلك لعفَّته النَّادِرة، وتُقاه الصَّحيح، وكان مُتخَلِّقًا بأَخلاقِ السَّلفِ الصَّالحِ، مُنجمعًا عن الناس، لا يخالطُ أحدًا، وكان الأكابرُ من الأُمراءِ والتُّجار تغشاهُ لمكانَتِهِ عندَهَم، وكان لا يَملُّ جليسُهُ مجلِسَهُ، ولا يَخْلُو مجلِسُه من فائدة، ولا يَذكُر فيه حديث الدُّنيا، وكان يستفيدُ ناظِرُهُ برؤيته قبل أن يسمعَ كلامَهُ، فضلًا عن أن يختبر أعمالَهُ، وكان فقيهًا شديدَ التَّثبتِ في الأحكام، ملازمًا طريقةَ المتأخرين، لا يلتفتُ إلى من خالَفَهُم، ولو كان أسعد بالدَّليل،