أهل الصَّلاحِ والأدبِ، وفي سنةِ ثلاثٍ وستين ومئتين وألف، خرجَ في طلبِ العِلم إلى دمشق، فاجتمعَ بجُلِّ علمائها، ولازمَ الشيخَ حسنَ الشطِّي، فأخذَ عنه الفقهَ والحديثَ وغيرهما من العلوم الشرعية، ثم عادَ إلى وطَنِهِ، فاستقامَ مدةً، ثم كثُرت هناك المشاغب والإحن، فعزَمَ على مفارقةِ ذلك الوطن، وأمَّ مدينة نابُلُس، وسكنَ بها، وذلك في سنة سبعٍ وثمانين ومئتين وألف، فرَحل إليه الطَّالِبُون، وانتفعَ به الراغِبُون، وكان كثير الاعتناء بتلامِذَتِهِ، ولا سيما المبتدئ منهم، أخذ عنه أهل الحجاز والشَّام علمَ الحديثِ روايةً ودراية، ورُزق الحظوةَ والجاهَ، وله مصنفات منها: كتاب "المنهج الأحمد في درء المثالب التي تنمى لمذهب الإمام أحمد"، و"بغية النَّساك والعُبَّاد في البحث عن ماهيةِ الصَّلاح والفساد"، و"هداية الرَّاغب وكفايةُ الطَّالب" مرتَّب ترتيبَ أبواب البخاري، و"الأجوبة الدُّريَّة في رفع الشُّبه والمطاعِن الوارِدَةِ على المِلَّة الإسلاميَّة"، و"الأجوبة العَلِيَّة عن الأسئلة الرَّافعيَّة" في علم التوحيد، و"طوالع الأنوار البهيَّة" جوابًا عن خمسين مسألة في العلم المذكور، و"الرحلة الحجازية" أودَعَها الأبحاث الشريفة التي وقعت بينَهُ وبين العُلماء في رحلته المَدَنية، وله رسائل كثيرةٌ، فمن المختصرات شيءٌ كثيرٌ، وفي سنةِ ثمان عشرة وثلاث مئة وألف، زارَ بيتَ المقدِسِ، وبلدَ سَيِّدنا الخليل، ثم سافرَ إلى الحجاز، فأقام بها، وانتفع به خلقٌ كثير، في الفقهِ والحديثِ، وكان في موسِمِ الحج في كل سنةٍ يحجُّ، ويؤدِّي المناسكَ وربَّما زَارَ وطنَهُ في خلال ذلك، ولم يَزَل يتردَّدُ بين المدينةِ ووطنِهِ إلى أن كانت وفاتُهُ بنابُلُس، وهو يصلِّي الجمعة في الجامع الكبير الصَّلاحي، في اليوم العاشرِ من المحرَّم، سنة إحدى وثلاثين وثلاث مئة وألف، وشيِّعت جنازَتُه من الغد، وصُلِّي عليه في الجامع المذكور بجمعٍ حافلٍ، وكان يومًا مشهودًا، ودُفِنَ في مقبرةِ نابُلُس، بجوار محمد السَّفاريني، ورثاه العلماءُ. انتهى ملخصًا من ترجمةٍ طويلةٍ جدًا. وذكره ابنهُ يوسف بترجمةٍ حافلةٍ لا يَسعُ هذا المختصر ذكرُهَا، وقد طبعتْ في مقدمةِ كتابِ المترجم "الرِّحلة الحجازية" آنفة الذكر.
٢٩٣٣ - (ت ١٣٣٢ هـ): مطلق بن صالح النَّجْديُّ، الحنبليّ، المؤرِّخ.
له كتاب "شَذَا النَّد في تاريخ نجد" أرَّخ فيه بعض الحوادث من سنة ثمانٍ