للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إسماعيل، فقرأ عليه التَّفْسير والحديث، وأُصُول الدِّين والفِقْه والفَرَائض وغير ذلك، فَمَهَرَ في ذلك كُلِّه، سِيَّما الفِقْه، فإنه كان فيه آيةً، وبَرَع، ودَرَّس وأفتى، وقُصِدَ بالأسئلة من البُلْدان، فكتب عليها كتاباتٍ سَدِيْدةً، وتَأهَّل للتَّصنيف، حتى قِيْل: إنه هَمَّ بشَرْح "الْمُنْتَهى" فقدم عليه بَعْض الطَّلبة بشرح الشَّيخ مَنْصُورٍ عَلَيْه، فأعْرَض عما عَزَم عليه وقال: كفانا الشَّيخ هذا المُهِم، ويقال: إنه طالَعَهُ بتأمُّلٍ فقال: وجدته مُوافِقًا لِما أرَدْتُ أنْ أكتب ما عدا ثَلاثة مَوَاضِع أو نحْوِها. وصَنَّف "الْمَنَسك" المشهُور، وعليه اعتماد الحَنَابِلة في المَنَاسك، ولا أعلم له غيره، وكان سَدِيد الفَتْوى والتحْرِيرات، له فَتَاوى لو جُمِعَتْ لجاءت في مُجَلَّدٍ ضَخْم، لكنَّها لا توجَدُ مَجْموعةً، ويا ليتها جُمِعَتْ، فإنها عَظِيمة غَزِيْرةُ الجَمْع. وتَلْمِذَ لَهُ خَلْق كثيرٌ تَخَرَّجوا به وانتفعوا به، من أجَلِّهم الشَّيْخ عَبْد الله بن شيخه محمد بن أحمد بن إسماعيل، وقَدْ يُنسب كِلاهُما لِجده الأَعْلى، فيقال: محمد ابن إسماعيل، فيَشْتَبه الجَدُّ بالحَفِيْد، وكِلَاهُما أفتى بفتاوى مَشْهورة مسدَّدة، لكنَّها قَلِيْلَةٌ، وهي تدلُّ على مَهَارتِهما في الفِقْه، وسَعَة اطِّلاعِهِما وتحقِيقِها، ولكَوْني لَمْ اطَّلعْ على حقائق أحوالهما لم أُفْرِدْهما بتَرجَمَةٍ كَكَثِيرٍ من عُلَماءِ نَجْد وبَغْداد والشَّام ومِصْر والزبير، ومَهْما وَقَفْتُ عليه إن شاء الله ألْحَقْته، ومَن عثر على شيء من ذلك فليلْحِقْه لِتَتِمَّ الفائدة، تُوُفِّي المُتَرْجَمُ سنةَ تِسْعٍ وسَبْعين وألف، وخلَّف أولادًا فُضَلأَ، منهم عَبْد الوَهَّاب والد الشَّيخ محمد، ومنهم إبراهيم، ويأتيان. انتهى.

وذكره صاحب "هديَّة العَارِفين" (١) وقال: صنَّف "الأجوبة للأسئلة من المسائل الفِقْهِيَّة"، و"مناسك الحج".

٢٦٤٣ - (ت ١٠٨٣ هـ): شمسُ الدِّين بنُ بدرِ الدِّين، محمدُ بنُ عَبْد القَادِر بن محمد، البلباني البَعْليُّ، ثم الدِّمَشْقيُّ الصَّالحي، الخَزرَجيُّ الحَنْبَلِيُّ.


(١) هدية العارفين: ١/ ٤٠٣.