شَيْخَه المَذْكُور صَار يَسْتَفِيد مِنْهُ أحيانًا، وكانت وِلَادَتُه سنةَ خَمْسٍ وتسعِين ومئتين وألْفٍ في قَرْيةِ القُصَيْعَة من قُرى بُرَيْدة، ثم انْتَقل منها إلى بُرَيْدة لطَلَب العِلْم، فأخَذ بها عن الشَّيخ الأجَلّ عَبْد الله بن محمَّد آل سَلِيْم ثم رَجَع سنةَ ثلاثين وثلاث مئة وألف إلى وَطَنِهِ القُصَيْعَة، ووَلِيَ التَّدْريس بها بإجازَة شَيْخه المَذْكور، ثم لمَّا تُوُفَّي الشَّيْخ عَبْد الله رَجَع إلى بُرَيْدَة للأخذ من أخيه الشَّيخ عُمَر بن محمَّد آل سَليم، فَلَازمَهُ نحوًا من أربع سنين، وهُوَ على وَظِيفته بقَرْية القُصَيْعة، بل كان يَتَرَدَّد منها إلى بُرَيْدَة، ثم أجازه الشَّيخ عُمَر بالجُلُوس للطَّلَبَةِ في بَلَده، فانْتَفَع به بَعْض طَلَبةِ العِلْم الّذين كانوا هُنَاك، ومن أشْهرهم عَبْد الله بن سَعْد الشَّبْرميُّ، وعَبْد الرَّحمن بن محيميد، وسُلَيْمان بن غيْث، وعَلِيُّ الشَّبْرميُّ، وعَبْد الله السُلَيْمان بن بَطِّي وغيرهم، وكُلُّهُم قد استَفَاد ووَلِيَ وظِيْفةً، ولمَّا كان في سَنَة ستٍّ وخمسين وثلاث مئة وألْفٍ، وَلَّاه المَلِكُ عَبْد العزيز بن سعود قَضَاء جِيْزَان باليَمن، ورِئَاسة قَضَاء تِهَامَة، فَسَار في ذلك سِيْرة حَسَنَةً، وكان حَسَن الأخلاق، محمود السِّيْرة، ذا عِبَادةٍ ووَرَعٍ، وانتفع به أهْلُ تلك الجِهَة. وتُوُفِّي هناك، خامس عَشَرَ صَفَرَ، سنةَ ستّين وثلاث مئةٍ وألْفٍ، وله أبْنَاء يَطْلُبُون العِلْم حالًا، رحمه الله.
٣٠١٩ - (ت ١٣٦٠ هـ): الشَّيخ عليُّ بن ناصر أبو وَادِي النَّجْديُّ الحنبليُّ، إمام مَسْجِد الجديدة، تُوُفِّي سَنَةَ سِتّيْن وثلاث مئة وألْفٍ، وقد تَوَلَّى إمامة المَسْجِد المَذْكُور ستَّين سنةً.
ذكره أبو الفَيض عَبْد الستَّار الدَّهْليُّ المَكِّيُّ في رِجَال القرن الرَّابع عَشَر فقال: عليُّ بن ناصر أبو وَادِي، وُلِد في بُرَيْدة سنةَ ثلاثٍ وسبعين وثلاث مئة تقريبًا، ونشأ بها، وقرأ القرآن وحَفِظَه، وتَعَلَّم واشتغل على عُلَماء بَلَده، كالشَّيْخ سُلَيْمان بن علي الْمُقبِل، والشَّيخ محمَّد بن عَبْدِ الله بن سَلِيْم، والشَّيْخ محمَّد بن عَمَر بن سَلِيْم، وصَار له مُشَاركةٌ في عِلْمَيْ الفِقْه والنَّحْو، واشتَغَل اشْتِغَالَه الكُلِّيَّ في عِلْم الحَدِيث وسَمَاعِهِ بأسَانيدِه، فرَحَل إلى الهِنْد، فوَصل إلى دُهْلي وبهوبال وغيرهما، وقرأ على مَشايخِهما، وسَمِع منهم الأمَّهات السِّتَّة و"مسند الإمام أحمد" و"موطّأ الإمام مالك"، وأخذ أسَانيدَه بذلك، ثم رَجَع