المسلمين تستغلُّه. إنَّما أشفق أن تُطَوَّقَه يوم القيامة من سبع أرضين. ثم هجره، وترك الصلاة في المسجد، وخرج إلى مسجد خارج يصلي فيه.
وقال صالح: بلغ أبي زمان هجره لنا أنه قد كتب لنا بشيء إلى دورنا، فجاء إلى الكوة التي في الباب، فقال: يا صالح انظر ما كان للحسن وأم علي فاذهب به إلى فُورَانَ حتى يتصدق به في الموضع الذي أخذ منه. فقلت له: ما عِلْم فُوران من أي موضع أخذ؟ فقال: افعل ما أقول. فوجهتُ ما كان أضيف إليهما إلى فُوران.
وكان إذا بلغه أنَّا قد قَبِلْنا، طوى تلك الليلة فلم يفطر، ثم مكث شهرًا لا أدخل عليه، ثم فتح الصبيان الباب ودخلوا غير أنه لا يدخل إليه شيء من منزلي، ثم وجَّهت إليه: يا أبت قد طال هذا الأمر، وقد اشتقت إليك. فسكتَ فدخلت عليه فأكببتُ عليه وقلت: يا أبتِ تدخل على نفسك هذا الغم؟ قال: يا بني ما لا أملكه. ثم مكثنا مدة لم نأخذ شيئًا، ثم كُتِبَ لنا بشيء فقبضناه، فلما بلغه هَجَرَنا شهرًا، فكلَّمه فوران، ووجه إليّ فوران، فدخلت فقال: يا أبا عبد الله صالح وحبك. فقال: يا أبا محمد، لقد كان أعز الخلق عليّ، وأي شيء أردت له إلا ما أردت لنفسي. فقلت له: يا أبتِ ومن رأيتَ أنتَ ممن لقيتَ قوي على ما قويتَ عليه أنت؟ قال: وتحتجُّ عليَّ؟ ثم كتب إلى يحيى بن خاقان يسأله ويعزم عليه أن لا يعيننا على شيء من أرزاقنا، ولا يتكلم فيها. فلما وصل رسوله بالكتاب إلى يحيى أخذه صاحب الخبر، فأخذ نسخته ووصلت إلى المتوكل. فقال لعبيد الله: كم من أشهر لولد أحمد بن حنبل؟ فقال: عشرة أشهر. فقال: يحمل إليهم الساعة أربعون ألف درهم من بيت المال صحاح ولا يُعْلم بها، فقال يحيى: أنا أكتب إلى صالح أعلمه. فورد عليّ كتابهُ، فوجهت إلى أبي أعلمه. فقال الذي أخبره: إنه سكت قليلًا، وضرب بذقنه صدره، ثم رفع رأسه وقال: ما حيلتي إذا أردت أمرًا وأراد الله أمرًا؟.
أمّا الذين أجابوا في المحنة والذين لم يجيبوا:
فقد أجاب من كبار العلماء: علي بن الجعد، وإسماعيل بن عُلَيَّة، وسعيد بن سليمان الواسطي سَعْدُويَه، وإسحاق بن أبي إسرائيل، وأبو حَيَّان الزيادي، وبشر بن