الرُّحَيْبَانيُّ، شارح "الغَاية"، وابنه سَعْدي، والشَّيخ غَنَّام بن محمد وغيرهم إلى أن أدرك في الفِقْه والفَرائِض، وشارَكَ في غَيْرهما، ثم اسْتَجَازَ شَيخَهُ وشُيُوخَهُ، واسْتَمدَّ دُعَاءَهُم، فأجَازُوه ودَعَوْا له، وأثنَوْا عَلَيْه، وكان رِفْقَتُهُ في الطَّلَب يُطنِبُون في مَدْحه في كلِّ جَمِيْل، فرَجَع إلى بَلَدِهِ بَلِد سَيدِنا الزُّبَيْر، فعَكَفَ عَلَيْه الطَّلَبَةُ لِقِراءَة الفقه، وصِغَارُهُم في النَّحو والصَّرْف، ثمَّ طَلَبَهُ أَهْلُ البَصْرة لِيَكُون خَطِيبًا ووَاعِظًا بجَامِع عَزِيز آغا، فانْتَقَل إلَيها، وَدَرَّس وَوَعَظ، وسَلَّك المُرِيْدِيْن، ولَمْ يَزَلْ على ذلك إلى أن أراد أهل الدَّوْلة إدخال أوْقَاف المَسْجد التي تحت يَدِهِ في بَيْت المَال، ورُتَّب له راتِبٌ، من بَيْت المَال فأْبَى ذلك تَوَرُّعًا، وفارَقَ البَصْرة في سنةِ ستِّين ومِئَتَيْن، وقَدِمَ مَكَّة في رَجَبِها، وأقام بها يُدَرِّس في الفِقْه والَفَرَائِض إلى أنْ حَجَّ، ثم تَوَجَّه إلى المَديْنة المُنَوَّرة، فأقام بها مُدةً، ثم رَجَعَ إلى البَصْرة لِبَيْع عَقَارِهِ، فَبَاعَهُ وَرَجَع وحَجَّ، ثم أقام بالمَدِينَة المُنَوَّرة يحُج في أكْثَر السِّنْين، مُواظِبًا على التَّدْرِيس، وصار لَهُ بالمَدِينة اعتِقَادٌ عَظِيمٌ، وكان لا يَذْهب إلى الحكَّام، حتى إنِّي كنتُ أقرأ علَيْه سنةَ ثَلاثٍ وسِّتين ومئتين وأَلْف بالمَدِيْنة المُنَوَّرة، وحَسَّنْتُ له الاجْتِماع بداود باشا والي بَغْداد سابِقًا، وكان طَلَب مِنِّي الباشا الاجتماع به، فأبى ذلِكَ وكان عَزُوفًا، الدُّنيا وأَهْلِها، وبالجُمْلة، فما أظُنُّ أحدًا في هذا الزَّمان مِثْله، وتُوُفِّي في خَامس شَوَّال، سنةَ خمسٍ وثمانين ومئتَيْن وأَلْف، وصار لَهُ مَشْهدٌ عظيم، ورآه النَّاسُ. انتهى ملخَّصًا من تَرْجَمةٍ طويلةٍ جدًّا.
٢٨٦٣ - (ت ١٢٨٦ هـ): الشَّيخ عَبْد الرَّحمن بن عُدْوان بن رُزَيْن، النَّجديُّ الحنبليُّ.
ذكره ابن عِيسى في "ذيله على تاريخ ابن بشر" وقال: إنَّه تُوُفِّي سنةَ سِت وثمانين ومئتَيْن وأَلف. انتهى.
وكذا ذَكَرَهُ ابن الفَاخِريِّ في "ذيله على تاريخ أبيه"، وأرَّخ وَفَاته في هذه السنة.
٢٨٦٤ - (ت ١٢٨٦ هـ): محمد بن أَحْمد بنِ عُثْمان بن جَامع الحَنْبَليُّ.