للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأخذَ الفِقه أيضًا عن المُوفَّق الحَنبلي، ودرَّس، وأفتى، ووَليَ إفتاءَ دارِ العَدلِ، والتَّدريسَ بالمَنصُورِيَّة، وأمِّ السُّلطَان، والحَسَنيَّة. وتعيَّن للقَضاءِ غيرَ مَرَّة، فلم يَتَّفق. وكان مُنقَطِعًا عَنِ النَّاس، مُشتغلًا بأحوالِ نَفْسه، صَاحِبَ نَوادِر وحَكايات، مَعَ كَياسَةٍ وحِشْمَةٍ، ومُروءة، وحُسنِ شَكْلٍ وَزِيٍّ، وتَواضُعٍ؛ وسكونٍ ووَقار. أخذَ عنهُ جَماعةٌ. وماتَ في ثامِن عَشَر شوَّال، سنةَ سَبعٍ وثمانِ مئة.

وذكره ابن عبد الهادي (١).

٢٠٧٢ - (ت ٨٠٧ هـ): عيسى بنُ حجَّاج، السَّعدي، المِصْري، الحنبلي، الأَديبُ الفاضِلُ، شرفُ الدِّين، المعروفُ بعُوَيْس العَالية.

قال ابنُ العماد (٢): كانَ فاضِلًا في النَّحْوِ واللُّغة، ولهُ النَّظمُ الرَّاِئقُ، ولَهُ بديعيَّة في مَدْحِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، مطلَعُها:

سَلْ ما حَوى القَلْب في سَلْمَى مِنَ العِبَرِ … فَكُلَّما خَطَرَتْ أمسَى عَلى خَطرِ

وله أشياءُ كَثيرة، وسُمِّيَ عُوَيس العالِيَة، لأنَّه كانَ عاليةً في لُعبِ الشَّطْرَنج، وكان يلعَبُ به اسْتِدبارًا، وتُوفِّي في أوائلِ المُحرَّم، سَنةَ سَبعٍ وثمان مئة. قاله العُلَيْمي فى "طبقاته". انتهى.

وذكرَهُ السَّخاوي في "الضَّوء" (٣)، بما مُلَخَّصهُ: تعانى الأدبَ، وقالَ الشِّعرَ الجَيِّدَ، ومدحَ الأعيانَ، وترقَّى في لُعبِ الشَّطْرَنج، حتى لُقِّب العَالِيَة، بَل كانَ مُستَحْضِرًا لِلُّغةِ. وارتحل إلى الشَّامِ، فلَقِيَ الصَّفَدِيَّ، وسَمِعَ الصَّفِى الحِلِّي، وعَمِلَ بَديعيَّته على طَريقةِ الحِلِّي، لكنَّها على قافِيَة الرَّاء. وذكرَهُ شَيخُنا ابنُ حَجَر في "مُعجمه"، فقال: إنَّه مَهَر في الشِّعر ومَعْرِفَةِ اللُّغَةِ، سَمِعْت منه فوائِدَ، ونوادِرَ. وسمعتُ من نَظْمِهِ الكَثير، ومَدَحَنِي بِعدَّةِ قصائِد. وقال المقْرِيزي: إنَّه قال المَواليا، فمَهَرَ فيها، واشْتَهَر بذلك، فقيل له: الأديب. ثمَّ نظَم الشِّعَر فمهَر


(١) الجوهر المنضد: ٧١.
(٢) شذرات الذهب: ٧/ ٧٣.
(٣) الضوء اللامع: ٦/ ١٥١.