وقال ليحيى بن معين: إنك تقول: حدثني إسماعيل بن عُلَيَّة، فلا تفعل فإنه بلغني أنه كان يكره أن ينسب إلى أمه، فقال يحيى: قبلنا منك يا معلم الخير.
وقال لرجل رهاوي: ما فعل الرجل الذي عندكم بحران الجوهري، عنده علم؟ فقلت: ما أعرف بحران جوهريًا نكتب عنه، فقال: بلى، صاحب حفص بن غيلان، قال: ما أعرفه، قال: يغفر الله لك له بنون، قلت له: لعلك تريد البومة؟ قال: إياه أعني، كتبت عنه فإنه ثقة.
وسئل عن طلاق السكران فقال: سلوا عنه غيري. وأوصى أن يكفَّر عنه يمين واحدة، وقال: أظن أني حنثت فيها.
وكان كثيرًا ما يقول إذا سُئل: لا أدري، وكان يقول: ربما أقمت في المسألة ثلاث سنين قبل أن أعتقد منها شيئًا، وكان يسأل عن المسألة وهو يعرف الأقاويل فيها فيجيب بلا أدري، وذلك أنه يسأل عن اختياره فيذكر الاختلاف فقط، ويقول: لا أدري.
وأشار رجل إلى جدار قصر إيباخ بالعسكر، إلى شيء قد نصب على الجدار، فقال: لا تنظر إليه. فقال: قد نظرت إليه. فقال: لا تفعل.
[أما إعراضه عن الولايات]
فقال الشافعي: دخلت على هارون الرشيد فقلت له: إني خلفت اليمن ضائعة تحتاج إلى حاكم، فقال: انظر رجلًا ممن يجلس إليك حتى نوليه قضاءها، فلما رجع الشافعي رأى أحمد بن حنبل من أمثلهم، فقال له: إني كلمت الأمير أن يولي قاضيًا باليمن، وإنه أمرني أن أختار رجلًا، وإني قد اخترتك فتهيأ حتى أدخلك على أمير المؤمنين يوليك، فأقبل عليه أحمد وقال: إنما جئت إليك لأقتبس منك العلم، تأمرني أن أدخل لهم في القضاء؟ ووبخه فاستحيا الشافعي، ثم قال له أحمد: إن سمعت هذا منك ثانية لم ترني عندك، وكان عمره إذ ذاك ثلاثون أو سبع وعشرون.