للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العَصر. تفقَّه عليه ولداه، أبو العبّاس، وأبو محمد. وحدَّثنا على المنبر عنه ولدهُ. وكان قُدومُه إلى دمشق بأهله وأقاربه مُهاجرًا، سنة سبع وستِّين. وكان من أَنجُمِ الهُدى، وإنَّما اختفى من نور القمر وضَوء الشمس، يشير إلى أبيه وابنه. وقال البِرْزالي: كان من أعيان الحَنابلة، باشرَ بدمشق مَشْيَخة دارِ الحَديث السُّكَرِيَّة بالقَصّاعِين، وبها كان يسكنُ. وكان له كُرسيّ بالجامع، يتكلَّم عليه أيام الجُمَعِ من حِفظه. ولمَّا تُوفِّي خَلَفه فيهما ولدهُ أبو العبّاس. وله تعاليق، وفوائد، ومصنفَّات، في علومٍ عدَّة. توفي ليلة الأحد، سَلْخ ذي الحجة، سنة اثنتين وثمانين وستِّ مئة، ودفن من الغد. يُقال بسَفْح قاسِيُون. انتهى.

وذكره ابنُ رجب (١)، وابنُ الشَّطِّي (٢)، وغيرهما.

١٢٩٤ - (ت ٦٨٢ هـ): عبدُ الرَّحمن بنُ محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة، شيخ الإِسلام، وبقيَّةُ الأعلام، شمسُ الدَّين، أبو محمد، ابنُ القُدوة الشَّيخ، أبي عُمر المَقْدِسي، الجمّاعِيْلِيّ، الصَّالِحيّ، الحنبلي، الخَطيب، الحاكم، الزَّاهد.

قال ابنُ العماد (٣): سمع من أصحاب السِّلَفي، وعُنِي بالحديث وكتبَ بخطِّه الأجزاءَ والطِّباقَ وأخذَ الأُصولَ عن السَّيف الآمِدِيّ. ودرَّس وأفتى، وأقرأ العِلم زمانًا طويلًا. وانتفعَ به النّاسُ. وكان مُعَظَّمًا عندَ الخاصِّ والعامِّ، عظيمَ الهَيْبَة لدى المُلوك وغيرهم، كثيرَ الفَضائِل والمحاسن، متينَ الدِّيانة والوَرَع. وقد جمع المحدِّثُ إسماعيلُ بنُ الخبّاز ترجمته وأخبارَهُ في مِئة وخمسين جُزءًا. وقال الذَّهبيُّ في "معجم شيوخه": هو شيخُ الحنابلة، بل شيخُ الإِسلام، وفقيه الشّام، قُدوة العِباد، وفريدُ وقتهِ، ومن اجتمعَت الألسِنَةُ على مَدْحِهِ، والثَّناء عليه. حدَّث نحوًا من ستِّين سَنة. وكتبَ عنه أبو الفَتْح بن الحَاجِب، وقال: سألتُ عنه الحافظ الضِّياء، فقال: إمامٌ عالِم، خيِّر. وقال شيخُ الإِسلام ابنُ تيميَّة: هو سيِّدُ الإِسلام في زمانه، وقطبُ فَلَكِ


(١) ذيل طبقات الحنابلة: ٢/ ٣١٠.
(٢) مختصر طبقات الحنابلة: ٥٩.
(٣) شذرات الذهب: ٥/ ٣٧٦.