[(ذكر إنفاذ الياس السلام إليه وزيارة الأولياء له وتبركهم بذلك وتنويه ذكره)]
قدم على أحمد رجل من الهند فقال: إنَّي رجل من بحر الهند، خرجت أريد الصين، فأصيب مركبنا، فأتاني راكبان على موجة من أمواج البحر، فقال لي أحدهما: أتحب أن يخلصك الله على أن تقرئ أحمد بن حنبل منا السلام؟ ومن أحمد، من أنتما يرحمكما الله؟ قال: أنا إلياس، وهذا الملك الموكل بجزائر البحر، وأحمد بن حنبل بالعراق. قلت: نعم. فنفضني البحر نفضة فإذا أنا بساحل أُبُلَّة، فقد جئتك أبلغك منهما السلام.
قلت: ذكر هذه القصة وكثيرًا من أمثالها ابن الجوزي، وهي وأمثالها مما لا صحة له، وإنما ذكرتها للتنبيه عليها وعلى أمثالها مما لا يصح.
أما زيارة الأولياء له وتبركهم بذلك:
فقال أحمد بن حنبل: جاءني رجل عليه فروة، وعلى أم رأسه خرقة، ما تحت فروته قميص، ولا معه ركوة ولا جراب ولا عكاز، قد لوحته الشمس، فقلت: أُدخُلْ. فدخل الدهليز، فقلت: من أين أقبلت؟ قال: من ناحية المشرق أريد بعض هذه السواحل، ولولا مكانك ما دخلت هذا البلد، إلا أني نويت السلام عليك. قال: قلت: على هذه الحال؟ قال: نعم، ما الزهد في الدنيا؟ قلت: قصر الأمل. وجعلت أتعجب منه، فقلت في نفسي، ما عندي ذهب ولا فضة. فدخلت البيت، فأخذت أربعة أرغفة، فخرجت إليه، فقلت: ما عندي ذهب ولا فضة، وإنما هذا من قوتي. فقال: أو يَسُرّك أن أقبل ذلك يا أبا عبد الله؟ قلت: نعم. قال: فأخذها، فوضعها تحت حضنه، وقال: أرجو أن تكفيني، هذه زادي إلى الرقة، أستودعك الله. قال: فلم أزل أنظر إلى أن خرج، وكان يذكره كثيرًا.