(ذكر مرضه، وحاله عند احتضاره، وتاريخ موته، ومبلغ سنِّه، وغسله، وكفنه، والصَّلاة عليه، وما جرى عند حمل جنازته، ودفنه، وما خلَّفه من التركة، وتأثير موته عند الإِنس والجن، والتعازي به، والأشعار التي مدح بها في حياته ورثي بها بعد موته، والمنامات التي رآها أحمد أو رئي فيها أو رئيت له)
[أما مرضه وحاله عند احتضاره وتاريخ موته ومبلغ سنه]
فكان يقول: استكملت سبعًا وسبعين سنة ودخلتُ في الثامنة. فحمَّ من ليلته ومات يوم العاشر سنة إحدى وأربعين.
ودخل عليه رجل وهو في الحبس فقال له: كيف تجدك يا أبا عبد الله؛ فقال: بخير في عافية والحمد لله. فقيل له: حممت البارحة؟ فقال: إذا قلتُ أنا في عافية فحسبكم. لا تحوجوني إلى ما أكره.
وقال صالح: لما كان في أوَّل يوم من شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومئتين حُمَّ أبي ليلة الأربعاء، فدخلت عليه يوم الأربعاء وهو محموم يتنفس تنفسًا شديدًا، وكنت قد عرفت علَّته، وكنت أمرضه إذا اعتلَّ، فقلت له: يا أبتِ على ما أفطرت البارحة؟ قال: على ماء باقلَّا. ثم أراد القيام فقال: خذ بيدي. فأخذت بيده، فلما صار إلى الخلاء ضعفت رجلاه حتى توكَّأ عليّ. وكان يختلف إليه متطببون كلهم مسلمون، فوصف له متطبب قَرْعَةً تشوى ويسقى ماءها. فقال: يا صالح. فقلت: لبيك. قال: لا تشوى في منزلك، ولا في منزل أخيك عبد الله.
وصار الفتح بن سهل إلى الباب يعوده فحجبته، فأتى علي بن الجعد فحجبته، وكثر الناس. فقلت: يا أبتِ قد كثر الناس. فقال: وأي شيء ترى؟ قلت: تأذن لهم؛