للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذهب، وقرأ النحو بمصر، وكتب بخطه كثيرًا، ومما كتب بخطه "المغني" في الفقه لأخيه الموفَّق، وكتب مصاحف كثيرةً، وكتب "الخِرَقي" للناس والكلّ بغير أجرة، وكان سريع الكتابة، ورُبَّما كتب في اليوم كُرّاسين بالقطع الكبير، وقد جمع الله له معرفة الفقه، والفرائض والنحو، مع الزُّهد والعمل، وقضاء حوائج الناس، وكان لا يكاد يسمع حديثًا إلَّا عمل به، وكان يصلي بالناس في نصف شعبان مئة ركعة، وهو شيخ كبير، وكان أنشطَ الجماعة، وكان لا يترك قيام الليل من وقت شبابه، وسافر هو وجماعة، فقام في الليل يصلي، ويحرس الجماعة، وقلَّل الأكل في مرضه قبل موته، حتى عاد كالعود، ومات وهو عاقد على أصابعه يسبِّح، وكان على مذهب السلف الصالح، متمسكًا بالكتاب والسنّة، والآثار المروية، وله شعر، ومرض أيامًا فلما كان عشيةَ الاثنين ثامن عشر ربيع الأول، سنة سبعٍ وست مئة، جمج أهله، واستقبل القبلة، وأوصاهم بتقوى الله ومراقبته، وأمرهم بقراءة {يس}، وكان آخر كلامه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وتوفي رحمه الله، وغسل في السَّحر، ولم يتخلف عن جنازته أحد من القضاة والعلماء، والأمراء والأعيان، وعامة الخلق، وكان يومًا مشهودًا، ومات عن ثمانين سنةً، ولم يخلِّف دينارًا ولا درهمًا، انتهى.

وقد ذكره ابن رجب (١)، وابن العماد (٢) بتراجم حسنة طويلة.

١٠٤٧ - (ت ٦٠٧ هـ): المبارك بن أبي سكين بن عبد الله النَّجمي السَّيِّدِي، أبو القاسم البغدادي المعدّل، الأديب، الحنبلي.

قال ابن العماد (٣): سمع من أبي المُظَفَّر بن التُّركي الخطيب، وخلقٍ، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم ابن الشَّهْرُزُوري، وكان وكيل الخليفة الناصر بباب طِراد، وبقي على ذلك إلى موته. قال ابن نقطة: سمعت منه، وكان ثقةً عالمًا فاضلًا،


(١) ذيل طبقات الحنابلة: ٢/ ٥٢.
(٢) شذرات الذهب: ٥/ ٢٧.
(٣) شذرات الذهب: ٥/ ٣١.