بلغني أنك من العرب، فمن أي العرب أنت؟ فقال أحمد: نحن قوم مساكين.
وقال له رجل: ائذن لي أن أقبل رأسك، فقال: لم أبلغ ذلك.
وقيل له: الرجل يقال له في وجهه: أحييت السنّة قال: هذا فساد لقلب الرجل.
وقال له رجل: الله الله فإن الناس يحتاجون إليك يا أبا عبد الله، قد ذهب الناس، فإن كان الحديث لا يمكن فمسائل، فإن الناس مضطرون إليك، فقال أحمد: أنا! وتنفس الصعداء، ورؤي في وجهه أثر الغم.
وقال له رجل: جزاك الله عن الإِسلام خيرًا، فقال: بل جزى الله الإِسلام عني خيرًا. ثم قال: ومَنْ أنا؟ ومَنْ أنا؟.
وجاءه كتاب من رجل يطلبه أن يدعو له، فقال: إذا دعونا نحن لهذا، فمن يدعو لنا نحن؟.
وكان يقول: من أنا حتى يجيؤون إليّ؟ اذهبوا اطلبوا الحديث.
ومسح رجل يده على أحمد ثم مسح بها على بدنه وهو ينظر، فغضب غضبًا شديدًا وجعل ينفض يده، ويقول: عمن أخذتم هذا؟ وأنكره إنكارًا شديدًا.
وقال رجل: لا يزال الناس بخير ما منّ الله عليهم ببقائك، فقال: لا تقل هذا، ومن أنا في الناس؟.
وكان إذا ذكر أحوال الورعين يقول: أسأل الله أن لا يمقتنا، أين نحن من هؤلاء؟ وقيل له: ما أكثر الداعين لك، فتغرغرت عينه وقال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا، أسأل الله أن يجعلني خيرًا مما تظنون، وأن يغفر لي ما لا تعلمون. وقيل له: إنك لم تزهد في الدراهم وحدها، بل زهدت في الناس، فقال: ومن أنا حتى أزهد في الناس، يريدون أن يزهدوا فيَّ.
وكان إذا جاءه الشيخ والحدث من قريش وغيرهم من الأشراف لا يخرج من باب المسجد حتى يخرجهم، فيكونون هم يتقدمونه ثم يخرج بعدهم.