علماء النَّصارى، وهم يعتقدون فيه أنه يعلم الغيب، فلما مات نفذتُ إلى المعلم فقالت والدتي: ولدي الكبير للكسب وعمارة أرضنا، وولدي الصغير يضعف عن الكسب، وأشارت إليَّ، ولنا أخٌ أوسط، فقال المعلم: أما هذا فصغير - يعنيني - فما يتعلَّم، ولكن هذا وأشار إلى أخي فأخذه، وعلَّمه ليكون مقام أبي، فقَدَّر الله أن وقعت حروب، فخرجنا من قريتنا، فهاجرت من بينهم، وكان في قريتنا جماعة من المسلمين يقرؤون القرآن، فإذا سمعتهم أبكي، فلما دخلتُ أرض الإِسلام، أسلمت وعمري بضع عشرة سنة، ثم بلغني إسلام أخي الكبير، وتوفي مرابطًا، ثم أسلم أخي الذي كان يعلِّمه المعلم، ودخلت بغداد في سنة أربعين وخمس مئة.
قال ابن رجب: وأصابه سباء فاسْتُرِقَّ. وقال أبو الفرج بن الحنبلي: كان مملوكًا، فقرأ القرآن في حلقة الحنابلة بجامع دمشق، فحفظه وحفظ شيئًا من عبادات المذهب الحنبلي، فقام قومٌ إلى الشيخ زين الدين علي بن إبراهيم بن نجا الوعظ، وهو على منبر الواعظ، فقالوا: هذا الصبي قد حفظ القرآن وهو على خير، نريد أن نشتريه ونعتقه، فاشتُريَ من سيِّده وأُعتق، وسافر من دمشق، وطلب همذان، ولقي الحافظ أبا العلاء الهمذاني، فأقام عنده، وقرأ عليه القرآن، وسمع الحديث، وصار عند الحافظ مصدِّرًا، يُقرئ الناس، ويأخذ عليه، واشتهر بالخير والعلم، ودخل العجم وسمع الكثير، ورجع إلى بغداد، وسمع حديثها، ولقي مشايخها. قال: ولقيته ببغداد، واستزارني إلى بيته، وقال لجماعته: أنا مملوك بيت الحنبلي، ثم سافر إلى أصبهان.
وقال الشيخ موفق الدين: كان رجلاً صالحًا، وهو من جُبَّة طرابُلُس، سُبي من طرابلس صغيرًا، واشتراه ابن نجيَّة وأعتقه، وسافر إلى بغداد، ثم إلى أصبهان، وكان يسمع معنا الحديث. انتهى.
سمع المترجَم له من ابن ناصر وأضرابه، وتفقَّه على أبي حكيم النَّهْرَواني، وصحب الشيخ عبد القادر الجِيْلاني مدةً، مائلًا إلى الزُّهد والصلاح، وانتفع به. قال ابن النجَّار: كتب إليَّ عبد الله بن أبي الحسن الجُبَّائي قال: كنت أسمع كتاب "حِلْية