للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القرآن وله سبعُ سنين، وسمعَ الحديث من إسماعيل بن الطبال، ومحمد بن ناصر بن حلاوة، وأبي عنان الطيبي، وست الملوك فاطمة بنت أبي البدر وغيرهم، وتفقه ببغداد على جماعة منهم الشيخ المفيد الحربي وغيره، ثم ارتحل إلى دمشق فقرأ المذهب على الشيخ زين الدين بن المُنَجَّا، والشيخ مجد الدين الحَرَّاني ثم عاد إلى بلده، وبرع في الفقه وأصوله ومعرفة المذهب والخلاف والفرائض ومتعلقاتها، وكان عارفًا بأصول الدِّين ومعرفة المذهب والخلاف والفرائض وبالحديث وأسماء الرِّجال والتواريخ، وباللغة العربية، وغير ذلك وانتهت إليه معرفةُ الفقه بالعراق، ومن محفوظاته في المذهب كتاب "الخِرَقي" و"الهداية" لأبي الخطاب، وذكر أنَّهُ طالع "المغني" للشيخ موفق الدين بن قدامة ثلاثًا وعشرين مَرَّةً، وكان يستحضر كثيرًا منه أو أكثره، وعلق عليه حواشي وفوائد، ووَلِيَ القضاء، ودَرَّسَ بالبشيرية ثم بالمستنصِريَّة، واستمر فيها إلى حين وفاته، وكان يورد دروسًا مُطَوَّلةً، فصيحةً، مُنَقَّحةً، وله اليد الطُّولى في المناظرة، والبحث، وكثرة النقل، ومعرفة مذاهب النَّاس، وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد من غير مدافع، وأَقَرَّ له الموافِقُ والمخالِفُ، وكانَ الفقهاءُ من سائرِ الطوائف يجتمعون به، يستفيدون منه في سائر مذاهبهم، ويتأدبون معه ويرجعون إلى قوله ونقله لمذاهبهم، ويردهم عن فتاويهم فيذعنون له، ويرجعون إلى ما يقوله ويعترفون له بإفادتهم في مذاهبهم حتى ابنُ المطهر شيخ الشيعة كان الشيخُ تقيُ الدين يبينُ له خطأَه في نقله لمذهب الشيعة، فيذعِنُ له.

وقالَ له مَرَّةً بعضُ أئمةِ الشَّافِعيَّة وقد بَحَثَ معه: أنت اليوم شيخ الطوائف ببغداد.

وقال العلّامة شمسُ الدين البرزبي والد الشيخ شمس الدين مدرس المُسْتَنْصِريَّة: ما دَرَّسَ أحدٌ بالمستنصرية منذ فُتِحَت إلى الآن أفْقَهُ منه، ويومَ وفاتهِ قال الشيخ شهاب الدين عبد الرَّحْمن بن عسكر شيخُ المالكية: لم يَبْقَ ببغدادَ مَنْ يُراجع في علوم الدِّين مثلُه، قرأ عليه جماعةٌ من الفقهاء وتخرج به أئمة، وأجاز لجماعة وما أَظُنُّه حَدَّث، وكان في مبدأ أمْرِه متزهدًا قبلَ دخولِه في القضاء، وكان ذا جلالةٍ ومهابة