أعطيتك نصف ما عندنا، فجئت يومًا فأطلت القعود فخرج ومعه أربعة أرغفة، فقال: يا أبا سعيد هذا نصف ما عندنا. فقلت: يا أحمد هذه الأربعة الأرغفة أحب إليَّ من أربعة آلاف من غيرك.
وقال يحيى بن هلال الوراق: جئت إلى ابن نُمير فشكوت إليه، فأخرج إليَّ أربعة دراهم، وقال: هذا نصف ما عندنا وجئت إلى أحمد بن حنبل فأخرج إليَّ أربعة دراهم وقال: هذه جميع ما أملك.
وقال هارون المستملي: قلت لأحمد: ما عندنا شيء، فأعطاني خمسة دراهم، وقال: ما عندنا غيرها.
وقال المروذي: كان أحمد ربما واسى من قوته، جاءه رجل فشكا إليه فقال له: ما عندنا إلا هذا الجذع، فجيء بحمال يحمله، فأخذ الجذع فباعه بتسعة دراهم ودانقين.
وكان أحمد كثير الحياء كريم الأخلاق، يعجبه السخاء.
وقال جعفر بن محمد النَّسائي: قال لي أحمد يوم عيد: أُدْخُل، فدخلت فإذا مائدة وقصعة على الخِوان، وعليها عُراق وقدر إلى جانبه. وقال لي: كُلْ، فلما رأى ما بي قال: إن الحسن قال: والله لتأكلن، وكان ابن سيرين يقول: إنما وضع الطعام ليؤكل، وكان إبراهيم بن أدهم يبيع ثيابه وينفقها على أصحابه، وكانت الدنيا أهون عليه من ذلك، وأومأ إلى جذع مطروح فانبسطت وأكلت.
وقال علي بن يحيى: صليت يوم الجمعة إلى جنب أحمد بن حنبل، فلما سلم الإِمام قام سائل يسأل الناس، فأخرج أحمد قطعة فدفعها إليه، فقال له رجل: ناولني قطعتك ولك بها درهم، فما زال يزيده حتى بلغ خمسين درهمًا، فقال له السائل: لا أعطيك إني لأرجو فيها ما ترجو.
وقال المروذي: كنت مع أبي عبد الله في طريق العسكر ونزلنا منزلًا، فأخرجتُ رغيفًا ووضعت بين يديه كوز ماء، فإذا بكلب قد جاء بحذائه يحرك ذنبه، فألقى إليه