للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سيدُنا ومولانا، الشيخُ الإمامُ، العَلَّامَةُ تقي الدين، وَلَدُ شيخِنا شيخِ الإسلام، الشيخ شهاب الدين الشهير بابن النجار، صحبتُه أربعينَ سَنةً فما رأيت عليه ما يشيْنُه في دينه، بل نشأَ في عِفَّةٍ وصِيَانَةٍ، ودينٍ وعلم وأدب وديانةٍ، أخذ العِلْمَ عن والدِهِ شيخ الإسلام المذكور، وعن جماعة من أَربابِ المذاهبِ المختلفةِ، وتَبَحَّرَ في العُلُوم حتى انتهت إليه الرَّياسة في مذهبه، وأجمعَ النَّاسُ على أنَّهُ إذا انتقل إلى رحمة الله تعالى ماتَ بذلك فقهُ الإمامِ أحمدَ من مِصْرَ، وسمعتُ القولَ مرارًا من شيخِنا الشيخِ شهابِ الدين الرَّمْلي، وما سمعته قطُّ يعيبُ أحدًا من أقرانه، ولا غيرهم، ولا حسدَ أحدًا على شيءٍ من أمور الدنيا ولا زاحم عليها، ووَلِيَ القضاءَ بسؤال جميعِ أهلِ مِصْر فأشار عليه بعضُ العلماءِ بالولاية وقال: يتعينُ عليكَ ذلك فأَجاب مصلحةً للمسلمين، وما رأيتُ أحدًا أحلى مَنْطِقًا منه، ولا أكثرَ أدبًا مع جليسِهِ، حتى يودّ أنْ لا يفارِقَه ليلًا ولا نهارًا، وبالجملة فأوصافُهُ الجميلةُ تَجِلُّ عن تصنيفي فأسألُ اللهَ أنْ يزيدَه من فضله علمًا، وعملًا، وورعًا، إلى أنْ يلقاهُ وهو عنه راضٍ .. توفيَ في حدودِ سنةِ تسعٍ وسبعينَ وتسع مئة. انتهى.

وذكره ابنُ الشَّطي في "مختصره" (١) وقال: هو محمد بنُ أحمدَ بنِ عبدِ العزيزِ بنِ عليًّ الفتوحي المِصْرِيُّ، المشهورُ بابن النجار، العالمُ العَلَّامَةُ، الفقيهُ الحنبليُّ، تقي الدين، أبو بكرٍ بنُ الإمامِ العَالم العَلَّامَةِ شهابِ الدين. ولد المترجَمُ بمصر القاهرة، ونشأ بها، وأخذ الفِقْهَ عن أَبيه، ثم ساقَ كلامَ الشعراني المتقدم، ثم قال: توفي في حدود سَنَةِ ثمانينَ وتسع مئة.

وذكره البدراني في "مدخله" (٢) وقال: رحل إلى الشَّام وألَّفَ بها كتاب "المنتهى" ثم عاد إلى مِصْرَ بعد أنْ حَرَّرَ مسائله على الرَّاجح من المذهب، وسمَّاه "منتهى الإرادات في جمع المقنع مع التنفيح وزيادات"، واشتغل به عامَّةُ الطلبة في عصرِهِ، واقتصروا عليه ثم شرحه شرحًا مفيدًا في ثلاثِ مجلداتٍ


(١) مختصر طبقات الحنابلة: ٩٦.
(٢) المدخل: ٤٤٠.