للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكره المُراديُّ في "سلك الدُّرَرَ" (١) وقال: هو مُفْتي السَّادة الحَنَابِلَة بدِمَشْق بَعْد تِلْميذه المُتَرْجَمِ قَبْله، الشَّيخُ الإمامُ، العَالِمَ العَلَّامةُ العَامِلُ، الفَقِيْهُ الفَرَضِيُّ الحَيْسُوبُ، الصُّوفيُّ الخلوتي، الخاشِع النَّاسِك، النَّحْرير الأوْحَد، شَيْخ المُسْلمين، شَهاب الدِّين، كان مَوْلده في ثامن رَمَضان سَنَةَ ثمانٍ ومئة وأَلْف بِدِمَشْق، ونشأ بها في كَنَف وَالِدِه. وتلا القُرآن العَظِيْم، ثم شَرع في طَلَب العِلْم مُشَمَّرًا عن سَاق الاجْتِهاد، فأخذ التَّفْسِيْر والحَدِيْث والفِقْه عن وَالِدِهِ الجمال عَبْد الله بن أحمد البَعْلِيِّ، وعن خاتِمَةِ المُسْندِين الشَّيخ أبي المَوَاهِب مفتي الحَنَابِلة بدِمَشق، وعَن حَفِيْده الشَّيخ محمد بن عَبْد الجَلِيل المَوَاهِبِيِّ، والشَّيخ عَبْدِ القادر بن عُمَر التَّغْلبي، والشَّيخ عَوَّاد بن عُبَيْد الله الكُورِيِّ، والشَّيخ مُصْطَفى بن عَبْد الحَقَّ اللبديِّ، وأخذ التَّفْسير والحَدِيثَ أيْضًا، وباقي العُلُوم عن جَمَاعةٍ، كالأسْتاذ الشَّيخ عَبْد الغَنيَّ النَّابُلُسيَّ، والشَّيخ محمد بن عَبْد الرَّحمن الغَزِّيَّ العَامِريِّ، والمُحدِّثِ الشَّيخ إسْمَاعيل العَجْلونيَّ الحراحيَّ، والشَّيخ محمد بن عليٍّ الكَامِليِّ وَوَلده العِزِّ عَبْد السَّلام، والشَّهاب أحمد بن عَبْد الكريم الغَزِّيِّ مُفْتي الشَّافِعِيَّة بِدِمَشْق، والشَّيخ محمد بن عِيْسى الكِنَانيَّ الصَّالحيِّ، ولمَّا قدِم دِمَشْق عالمُ الحِجَاز الشَّيخ محمد بن عَقِيْلة المَكيُّ سَمِع منه حَدِيْث الأوَّلِيَّة، وأجاز له بما تَجُوزُ له رِوَايَتُه، وحَجَّ صاحِبُ التَّرجَمَة سنةَ خَمْسٍ وستَّيْن ومئة وأَلْف، فأخَذَ بالمَديْنة المُنَوَّرة عن الشَّيخ الإمام جَعْفر بن جَعْفَر بن حَسَن بن عَبْدِ الكَريم البَرْزَنجِيِّ، وجَميْع من ذَكَر كَتَبُوا له إجازاتٍ بخُطُوطهم، وقَفْتُ عَلَيْها فرأيتُها مَشْحُونةً بالثَّناء عَلَيْه.

وقد ألَّف المُتَرْجَم مُؤَلَّفَاتٍ نَافِعةً منها: "الرَّوْض النَّدِي شَرْح كَافي المُبْتَدِي"، "وذُخْر الحَرِيْر شَرْح مُخْتَصر التَّحْرير" للتَّقِيَّ الفُتُوحيَّ، و"مُنْية الرائض لشرح عُمْدَة كُلِّ فارض" وغيرُ ذلك من التَّعْليقَات في الحِسَاب، والفرائض، والفِقْه. ودَرَّس بالجَامِع الأمَوِيِّ، فأَفَادَ وأجَاد، وانتَفَع به النَّاس طَبَقَةً بعد طَبَقةٍ، وكان يأكُلُ من كَسْب يَدِه في حِيَاكَة الألاجَة، وفي آخر عُمُره ترك


(١) سِلك الدرر: ١/ ١٣١.