أدب، وقرأ القرآن، وحفِظَهُ، وجَوَّدَه على الشيخ مصطفى التلي، ثم لازم دروسَ والِدِهِ من حديثِ وفقهِ، وفرائضَ، وحسابٍ، ومساحة ونحو، وغير ذلك، وبه انتفع وتخرج، واستجاز له والدُه من علَماءِ عصرِهِ كالحلبي، والكُزْبَري، والعَطَّار، والطيبي، والتميمي نزيل دمشق، فأجازوه، وروى عنهم حديث الرَّحمة بالأوَّلِيَّة حقيقية، واستجاز من الشَّيخ محمد البغال، والشّيخ قاسم الحلاق وغيرهما، ولازم بعدَ وفاةِ والده الشيخَ عبدَ الله الحلبيَّ فحضر دروسَه، ولما توفي والده سنة أربع وسبعين ومئتين وألف قَدِمَ للتدريس في مكانه فدرس في محراب الحنابلة من الجامع الأُمَوِي في محفل عظيم من علماءِ دمشق، وكلهم أثنى عليه، وشكرَ همَّتَه، وكان حلوَ التقرير، حسنَ التعبير، طلقَ اللِّسان، ثابتَ الجنان، واستمر يدرِّسُ به في رمضانَ إلى وفاتِهِ، وأما دروسُه ودروس أخيه الخاصَّة في دارهما فكانت تزيدُ على عشرةِ دروسِ في كل يومٍ وليلة، ويجتمع عليهما العددُ الكثير من الطلبة، وكان المترجَم يقرئ في الحديث والفِقْهِ، والفرائضِ والحساب، والنحو، وكان درسُه جَمَّ الفوائدِ، وله حواشٍ نفيسةٌ على بعض كتب الفِقْه، والفرائض، وقد أخذ عنه وانتفع به خلقٌ كثيرونَ سِيَّما من النجديين، والنَّابُلسيين، ودُوما ورُحَيْبَة وغيرها، وهم علماءُ العصر ورجاله الآن، وتوفي ليلة الاثنين ثاني عشري صفر سنة ست عشرة وثلاث مئة وألف، ودفن بتربة الذَّهبية بدمشق. انتهى ملخصًا من ترجمةٍ طويلة جدًا.
وذكره أبو الفيض عبد الستار الهندي في "رجالِ القرنِ الثالث عشر"، وقال: هو العالمُ النبيلُ، العَلَّامَةُ الفاضلُ، ولد سنة اثنتين وخمسين ومئتين وألف، وكان من نوابغ العلماء المتفنين، المحققين، رقيقَ الشمائل، لينَ الجانب، كثيرَ التواضع، وَلِيَ إفتاء الحنابلة، والقضاء الحنبلي بدمشق وغيرهما من الوظائف الشرعية، وكان يُشار إليه بالبنان في علم المواريث، وقسمة التركات، والحساب، توفي فجأةً سَنَةَ ستَّ عشرة وثلاث مئة وألف، ودُفِنَ بمقبرة مرج الدحداح. انتهى ملخصًا.
- (ت ١٣١٧ هـ): عبدُ الغني بنُ ياسين اللبدي. يأتي سَنَةَ تسعَ عشرة وثلاث مئة وألف. [انظر: ٢٩٠٢].