قال القطيعي: قرأت على عبد الله بن أحمد، ولقنني القرآن كله وقال: لقنني أبي القرآن كله باختياره. وقرأ أحمد على يحيى بن آدم وعبيد الله بن الصباح وإسماعيل بن جعفر، وغيرهم بإسنادهم.
وكان أحمد لا يميل شيئًا من القرآن، ويروي الحديث "أنزل القرآن مُفَخَّمًا فَفَخِّمُوهُ".
وكان لا يدغم شيئًا من القرآن إلا {اتَّخَذْتُمُ} ويمدُّ مدًا متوسطًا.
وكان من المصنفين في علوم القرآن من التفسير والناسخ والمنسوخ، والمقدَّم والمؤخَّر إلى غير ذلك مما تقدم في ذكر تصانيفه.
وأما النقل: فقد سُلِّم له انفراده فيه بما لم ينفرد سواه من الأئمة من كثرة محفوظه منه، ومعرفة صحيحه من سقيمه، وفنون علومه. وقد ثبت أنه ليس في الأئمة الأعلام قبله من له حظ من الحديث كحظ مالك بن أنس.
ومن أراد معرفة مقام أحمد في ذلك من مقام مالك فلينظر ما بين المسند والموطأ من الفرق، فقد كان أحمد يذكر الجرح والتعديل والعلل من حفظه إذا سئل كما يقرأ الفاتحة، ومن نظر في كتاب العلل لأبي بكر الخلَّال عرف ذلك. ولم يكن هذا لأحد منهم. وكذلك انفراده في علم النقل بفتاوى الصَّحابة وقضاياهم، وإجماعهم واختلافهم، لا ينازع في ذلك.
وأما علم العربية فقال أحمد: كتبت أكثر مما كتب أبو عمرو الشيباني.
وأما القياس فله من الاستنباط ما يطول شرحه. وقد تقدم شيء من ذلك في قوة فقهه.
ثم إنه ضم إلى هذه العلوم ما عجز عنه القوم من الزهد في الدنيا، وقوة الورع، ولم ينقل عن أحد من الأئمة أنه امتنع من قبول أوقاف السلطان، وهدايا الإِخوان كامتناعه.