للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن راهويه: ما رأى الشافعي مثل أحمد.

وقال أبو حاتم الرَّازي: أحمد بن حنبل أكبر من الشافعي، تعلَّم الشافعي أشياءَ من معرفة الحديث منه، فإنه ربما قال لأحمد: هذا الحديث قوي محفوظ؟ فإذا قال أحمد: نعم، جعله أصلًا، وبنى عليه.

وقال أبو بكر الأثرم: كنا في مجلس البويطي، فقرأ علينا عن الشافعي أن التيمم ضربتان، فقلت له: ورويت حديث عمار بن ياسر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن التيمم ضربة واحدة" فحكَّ من كتابه ضربتين، وصيَّره ضربة واحدة على حديث عمار. ثم قال: قال الشافعي: إذا رأيتم عن رسول الله الثبت فاضربوا على قولي، وارجعوا إلى الحديث، وخذوا به فإنه قولي.

فإن قيل: إن أبا حنيفة قد لقي الصحابة فالجواب من وجوه:

أحدها: أن الدارقطني قال: لم يلق أبو حنيفة أحدًا من الصحابة وقال الخطيب: رأى أنس بن مالك.

والثاني: أنه إذا لقي أحدًا من الصحابة فهو كغيره، مثل سعيد بن المسيِّب وغيره، ولم يقدموهم عليه.

فإن قيل: إن مالكًا لقي التابعين! بطل بالتابعين الذين لقيهم بأنهم قد لقوا الصحابة، وهو مقدم عليهم عندهم.

فإن قيل: إنه عالم دار الهجرة! فمُسَلَّم، إلا أن أحمد ضَمَّ علمه إلى علم غيره.

فإن قيل: إن الشافعي له نسب يلاصق نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قدموا قريشًا ولا تَقَدَّموها، وتعلموا من قريش ولا تعالموها".

فالجواب: أن النسب لا يوجب تقديم أحد في العلم على غيره، فإن أكثر علماء التَّابعين من الموالي: كالحسن، وابن سيرين، وعطاء، وطاووس، وعكرمة، وغيرهم، وتقدموا على كثير من أهل الشرف بالنسب، لأن تقدُّمهم كان بكثرة العلم لا بقرب النسب، وقد أخذ الناس بقول ابن مسعود وزيد ما لم يأخذوا بقول ابن عباس. وأما