للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأصحاب، وكان يذهب إلى الجهر بالبسملة في الصلاة. وقال ابن مَنْده في كتاب "الرد على الجهمية": التأويل عند أصحاب الحديث نوع من الكذب.

وقال في "العبر" (١): كان ذا سمت ووقار، وله أصحاب وأتباع، وفيه تسنُّن مُفرِط، أوقعَ بعض العلماء في الكلام في معتقده، وتوهَّموا فيه التجسيم، وهو بريء منه فيما علمت، ولكن لو قصَّر من شأنه لكان أولى به. أجاز له زاهر بن أحمد السَّرخْسي، وروى الكثير عن أبيه، وأبي جعفر الهروي، وطبقتهما. وسمع بنيسابور من أصحاب الأصم، وبمكَّة من ابن جَهْضَم، وبهمذان والدِّينَوَر وشِيْراز وبغداد، عاش تسعًا وثمانين سنة. انتهى كلام "العبر".

وقال ابن أخيه يحيى بن منده: كان والله آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، وفي الغُدُوّ والآصال ذاكرًا، ولنفسه في المصالح قاهرًا أعقب اللهُ مَنْ ذكرَهُ بالشرّ بالندامة. وكان عظيم الحلم كبير العلم. قرأت عليه قول شعبة: من كتبت عنه حديثًا فأنا له عبدٌ. فقال: من كتب عنّي حديثًا فأنا له عبدٌ. وتوفي سنة سبعين وأربع مئة. انتهى.

وذكره ابن رجب في "طبقاته" (٢) بترجمة حسنة، منها: قال أبو عبد الله الدقَّاق الحافظ: فضائل ابن مَنْده ومناقبه أكثر من أن تُحَد، ومَنْ أنا لنشر فضله؟ كان صاحب خُلُق وفتوَّة، وسخاء وبهاء. وله تصانيف كثيرة ورُدودٌ جَمَّة على المبتدعين والمنحرفين في الصفات، وغيرها.

قال ابن رجب: وذكر عن شيخ الإِسلام الأنصاري أنه قال: كانت مضرَّتُه في الإِسلام أكثر من منفعَته. وعن إسماعيل التَّيْمي أنه قال: خالف أباه في مسائل، وأعرض عنه مشايخ الوقت، وما تركني أبي أسمع منه، وكان أخوه خيرًا منه.

قال ابن رجب: وهذا ليس بقادح، إن صحَّ، فإن الأنصاري والتيمي وأمثالهما


(١) العبر في خبر من غبر: ٣/ ٢٧٤.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة: ١/ ٢٦.