للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وعلَّق عنه أشياء في الأصول والفروع، ونسَخَ واسْتَنْسَخ من مصنفاته. وسافر إلى الرَّحْبَة والشَّام، وحصل له الأصحاب والأتباع، والتلامذة والغِلمان. وله وقعات مع الأشاعرة، وظهر عليهم بالحجة في مجالس السَّلاطين. وكان ناصرًا لاعتقاد الحنابلة، مُتَجرِّدًا في نشره، مُبطِلًا تأويل أخبار الصَّفات، وله تصانيف في الفقه والوعظ والأصول، وله كرامات ظاهرة. توفي بدمشق، سنة ست وثمانين وأربع مئة. انتهى ملخصًا.

وقال ابن العماد (١): هو أبو الفرج الشِّيرَازِيّ، ثُمَّ المَقْدِسي، ثم الدمشقي، الفقيه الزَّاهد، الأنصَاري، السَّعدِيّ العَبَّادي، الخزرجيّ، الحنبلي، شيخ الشام في وقته، الفقيه الواعظ، القدوة. سمع بدمشق من أبي الحسن ابن السّمسَار، وأبي عثمان الصَّابوني. وتفقَّه ببغداد كثيرًا زمانًا طويلًا على القاضي أبي يعلى، ونشر بالشَّام مذهبَ أحمد بن حنبل، وتخرج به الأصحاب. وكان إمامًا عارفًا بالفقه والأصول، صاحبَ حالٍ وعبادة وتألُّه. وكان تُتُش صاحب الشام يُعَظِّمه، لأنه كاشَفَه مرّة، وذلك أنه دعاه أخو السلطان، وهو ببغداد، فرعب، وسأل أبا الفرج الدعاء له، فقال له: لا تراه، ولا تجتمع به. فقال له تُتُش: وهو مقيم ببغداد، ولا بدَّ من المصير إليه؟ فقال: لا تراه، فعجب من ذلك، وبلغ هِيْتَ فجاء الخبر بوفاة السُّلطان ببغداد، فعاد إلى دمشق، وزادت حشمة الشيخ أبي الفرج عنده، ومنزلته لديه.

قلت: وفي صحَّة هذه القصة نظر، فإنَّ هذا من علم الغيب، الذي لا يعلمه أبو الفرج ولا غيره. وأبو الفرج أعلى قدرًا، وأرسخ قدمًا في العلم، وأتبع للسُّنَّة، مِنْ أن يدَّعيَ ذلك، والله أعلم.

قال ابن العماد: وقال ابن رجب: كان أبو الفرج ناصرًا لاعتقادنا، متجرِّدًا في نشره، مُبطلًا لتأويلات أخبار الصّفات، وله تصانيف في الوعظ والأصول والفقه. ومات في مجلس وَعْظِه شخصٌ لوَقْع وعظِه في القلوب، ولإِخلاصِه. وقال أبو يعلى


(١) شذرات الذهب: ٣/ ٣٧٨.