الحديث من أبي المظفَّر بن الشبلي، وابن البطيِّ وابن بُنْدار، وشُهْدة، وغيرهم. وقرأ كثيرًا على المشايخ المتأخرين بعدهم، وحصَّلَ الأصول، وعُنِيَ بهذا الشأن وتفقَّهَ في المذهب.
قال ابن النجَّار: كان قد قرأ كثيرًا من علم الطِّبِّ والمنطق والفلسفة، وكانت بينه وبين عبيد الله بن يونس صداقة، فلما أُفْضِيَتْ إليه الوَزَارة اختصَّ به، وقويَ جاهُهُ، وبَنَى دارًا بدرب الشَّاكِريَّة، وسماها دارَ العلم، وحَصَّل خزانَة كتبٍ، وأوقفها على طلاب العِلم، ورَتَّبَ ناظرًا على أوقاف المارِسْتان العَضُدِي، فلم تُحْمَد سيرتُه، فَقُبِضَ عليه، وسُجِنَ في المارِسْتان مدةً مع المجانين مسلسلًا، وبيعتْ دارُه دارُ العِلم بما فيها من الكتب، مع سائر أمواله، وأُطلِقَ فصار يطلب من الناس، ويدور على المرضى في منازلهم، وصادف قبولًا في ذلك فأثرى وعاد إلى حالةٍ حسنةٍ، وحَصَّلَ كتبًا كثيرةً، وكان القبضُ عليه بعد عزلِ ابنِ يونس والقبضِ عليه، وتتبع أصحابه، وفي تلك الفِتْنَة كانت محنة ابنِ الجوزي أيضًا، وبالغ ابنُ النجَّار في الحَطِّ عليه بسبب ادِّعائه النسَبَ إلى أبي بكر الصِّدِّيق، ونَسَبَهُ إلى أنَّهُ روى عن مشايخ لم يدركهم، واختلق طِباقًا على الكتب بخطوطٍ مجهولةٍ تشهد بكذبه وتزويره، قاله ابنُ رجب. ثم انتصَر له ابنُ رجب، وتوفي سنة تسعٍ وتسعين وخمس مئة انتهى.
وذكره ابن أبي أُصَيْبِعَة في "طبقات الأطباء"(١) بما ملخصه: هو طبيبٌ، حاذِقٌ، مؤرخٌ من أهلِ بغداد، تولى النَّظَر بالبِيمارِسْتان العَضُدي، ثم قُبِضَ عليه، وحُبِسَ فيه سنتين وأُفْرِجَ عنه.
وذكره ابنُ رجب وقال في الانتصار له: العجبُ من ابن النجَّار فإنَّه تبرَّأ وتنَزَّه عن الرواية عنه نفسه، ثم روى عن اثنين عنه، ولقد وقفت على كتابه الذي جمعه في سيرةِ ابنِ هُبَيْرَة، فلم أجد فيه ما يُنْكَر، بل غالبُ ما نَقَل فيه من الحكايات عن الوزير، قد نقلها ابنُ الجوزي وغيرُه، وكذلك ابنُ الدُّبَيْثِي قد بالغ في الحَطِّ عليه وقال: إنَّه