للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال ابنُ العماد (١)، وابن رجب (٢): ولد سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة بحرَّان. وسمعَ بها من الحافظ عبد القادر الرُّهاوِي، والخطيب فخرِ الدَّين ابن تيميَّة، وغيرِهما. وكان قد سمعَ من حمّاد الحرّاني، ولكن لم يظهر سماعه منه. ورحل إلى بغداد، سنة سبع وست مئة، فسمع بها من ابن طَبَرْزَد، وابن الأخضر، وأحمد بن الدَّيبَقِيّ، وعبد العزيز بن مَنِيْنَا، وعليّ بن محمد المَوْصِلِيّ، وثابت بن مُشَرَّف، وأبي البقَاء العُكْبَرِيّ، ومحمَّد بن عليَّ القُبَّيطي، وغيرهم. وسمع بالمَوْصِل من جماعة، وقرأ بنفسِه، وكتبَ بخطِّه الأجزاءَ والطِّباقَ. وأخذ الفقهَ بدمشق عن الشَّيخ الموفَّق، وببغداد عن أبي بكر بن غَنِيْمَة بن الحلاوي، وأبي البقاء العُكْبَرِيّ، والفَخر إسماعِيل، وغيرهم. وأخذ العَربيَّة عن أبي البَقاء، وقرأ عليه جميعَ كتابه "التِّبْيان في إعراب القرآن"، وأقام ببغداد مُدَّة في رحلته الثَّانية إليها، وتزوَّج بها، ووُلِدَ له، وكتبَ الكثيرَ بخطِّه من الفوائد والنُّكَت، وجمعَ وصنَّف، وعلَّق فوائد وغرائب حسنة، وأفتى وناظر، ودرَّس، وجالس بحرّان مجد الدين، وكان ذا عِبادة ودِيانة. قال البِرْزَالي في "تاريخه": كان من الشُّيوخ والفُقهَاء المُتَعبِّدين، والمُعتبرين في مذهبه، كثير الدِّيانة والتعبُّد، واشتغَل وأشغل النّاس، وأفاد وانتُفعَ به.

وقال الذهبيُّ: برعَ في المذهب، ودرسَ وناظر، وتخرَّج به الأصحابُ، وكان لطيفَ القدر جدًّا، ضخمَ العلِم والعمل، صاحب تعبُّدٍ وأوراد وتهجُّد. وقال شمسُ الدِّين بنُ الفخر: كان إمامًا كبيرًا مفتيًا، أفتى ببغداد، وحرّان، ودمشق. وله مناقِبُ جَمَّة، منها قيامُ اللَّيل في مُعظَم عمره، كان يقومُ في وقتٍ، واللهِ يعجَزُ الشَّابُّ عن مُلازمته، وهو نصفُ اللَّيل، ومنها سَخاءُ النَّفسِ، وحُسن الصُّحبة، ومُساعدته بجاهِه ومَالِه وحُرمته، ومنها التعصُّب في السُّنَّة، والمغالاةُ فيها، وقمْعُ أهل البِدع، ومُجانبتُهم، ونبذُهم، ومنها قولُ الحقِّ، وإنكارُ المُنكَر على من كان.

سمع منه الحافظ الدِّمياطي وذكره في "معجمه"، والحافظ الحارثي، وأظنُّه أخذ


(١) شذرات الذهب: ٥/ ٣٦٣.
(٢) ذيل طبقات الحنابلة: ٢/ ٢٩٥.