فأقول: هذا ليس على إِطلاقه، بل فيه تفصيل ذكَره شيخ الإِسلام ابن تيمية في فتوى له، فقال (٢٥/ ١١٤): "إِذا رأى هلال الصوم وحده، أو هلال الفطر وحده، فهل عليه أن يصوم برؤية نفسه، أو يفطر برؤية نفسه؟ أم لا يصوم ولا يفطر إِلا مع النّاس؟ على ثلاثة أقوال؛ هي ثلاث روايات عن أحمد".
ثمّ ذكَرها، والذي يهمّنا ذِكره منها ما وافق الحديث، وهو قوله: "والثالث: يصوم مع الناس، ويفطر مع الناس، وهذا أظهر الأقوال، لقول النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صومكم يوم تصومون، وفِطركم يوم تُفطرون، وأضحاكم يوم تُضْحون". رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
قال: وفسّر بعض أهل العلم هذا الحديث فقال: إِنما معنى هذا الصوم والفطر مع الجماعة وعِظَم الناس".
وهذا الحديث مخرج في "الصحيحة" (٢٢٤)، و"الإِرواء" (٩٠٥) من طرق عن أبي هريرة، فمن شاء رجَع إِليها.
ثمّ قال ابن تيمية (١١٧) -رحمه الله تعالى-: "لكن من كان في مكان ليس فيه غيره، إِذا رآه صام، فإِنه ليس هناك غيره"". انتهى.
قلت: وهذا الذي ينبغي أن يصار إِليه، إِذ قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تفطرون ... ". يُفهِم أنّ هذا جاء لإِلغاء الصوم أو الفطر الفردي، سواءٌ أصحّت الرُّؤية أم لم تصحّ، وإلا فلا قيمة للحديث ألبتة عياذاً بالله. والله أعلم.