استطاعوا اجتنابه في المساجد الأُخرى لا يجتنبونه في الحرمين؛ بزعم جواز المرور! ففهموا أنّ الأصل الجواز، وليتهم فهموا أنّ ذلك في حالة الاضطرار التي لا محيص عنها! والله المستعان.
هل يلزم من يدخل البيت الحرام الطوافُ؟
ليس هناك من دليل على هذا. أما حديث:"تحية المسجد الطواف":
فقد قال شيخنا -رحمه الله- في شأنه في "السلسلة الضعيفة"(١٠١٢):
"لا أعلم له أصلاً، وإن اشتهر على الألسنة، وأورده صاحب "الهداية" من الحنفية بلفظ: "من أتى البيت فليُحيِّه بالطواف".
وقد أشار الحافظ الزيلعي في تخريجه إِلى أنه لا أصل له بقوله (٢/ ٥١): "غريب جدّاً".
وأفصح عن ذلك الحافظ ابن حجر فقال في "الدراية" (ص ١٩٢): "لم أجده".
قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: ولا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه، بل إِن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضاً، والقول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يقبل إِلا بعد ثبوته؛ وهيهات! لاسيما وقد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إِلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، {وما جعل عليكم في الدين من حرج}.
وإنّ مما ينبغي التنبيه له: أن هذا الحكم إِنما هو بالنسبة لغير المحرم؛ وإلا فالسُّنّة في حقّه أن يبدأ بالطواف، ثمّ بالركعتين بعده".