أقوى المسالك، وإِليه كان شيخنا يجنح. والله -تعالى- أعلم"، انتهى.
أقول [أي: صاحب الروضة]: الحاصل: أن الحديث المتقدّم صحيح، وقد رواه الجمّ الغفير عن الجمّ الغفير سلفاً عن خلف، ولم يقدح فيه مِن رجال هذا الشأن أحد، وغاية ما قاله من يخالفه أنه ربما كان منسوخاً! ويجاب بأنه لو كان منسوخاً لوقع الاحتجاج على عائشة بذلك، ولم ينقل أنه قال قائل به؛ مع اشتهار الخلاف بين الصحابة.
وأما الأحاديث الواردة بأنه لا رضاع إِلا في الحولين وقبل الفطام -فمع كونها فيها مقال (١) - لا معارضة بينها وبين رضاع سالم؛ لأنها عامّة، وهذا خاصّ، والخاصّ مُقدَّم على العامّ، ولكنه يختصُّ بمن عرض له من الحاجة إِلى إِرضاع الكبير ما عرض لأبي حذيفة وزوجته سهلة، فإِنّ سالماً لمّا كان لهما كالابن، وكان في البيت الذي هما فيه، وفي الاحتجاب مشقّة عليهما؛ رخص - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الرضاع على تلك الصفة، فيكون رخصة لمن كان كذلك. وهذا لا محيص عنه".
قلت: وبه يقول شيخنا -رحمه الله-، كما في بعض مجالسه؛ مقيِّداً ذلك بالحاجة؛ كما في الحديث المتقدّم.
قَبول قول المرضعة:
عن عقبة بن الحارث قال: "تزوجت امرأة، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت: أرضعتكما! فأتيتُ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلتُ: تزوجت فلانة بنت فلان، فجاءتنا امرأة سوداء فقالت لي: إِني قد أرضعتكما! وهي كاذبة؟! فأعرض عني، فأتيته من
(١) وقد تقدّم تخريجها مختصراً غير بعيد. والمقال الذى فيها لا يؤثِّر!!