والوفاء به ولو لكافر، وعلى أنّه لا يُحبَس الرسول، بل يُرَدُّ جوابه فكأنّ وصولَه أمانٌ له؛ فلا يجوز أن يُحبَس بل يُردّ".
وجاء في "السيل الجرار" (٤/ ٥٦٠) -في تأمين الرُّسُل-: " ... وجْهُه أنّ تَأمينَ الرُّسلِ ثابت في الشريعة الإسلامية ثبوتاً معلوماً، فقد كان رسولُ الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يَصِل إليه الرّسلُ من الكفار، فلا يتعرّض لهم أحد مِن أصحابه، وكان ذلك طريقةً مستمرة وسُنّةً ظاهرة، وهكذا كان الأمر عند غيرِ أهل الإسلام مِن ملوك الكفر، فإن النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم- كان يُرَاسلهم من غير تَقدُّم أمانٍ منهم لرُسُلِه، فلا يتعرض لهم مُتعرّض.
والحاصل أنّه لو قال قائل: إنّ تأمين الرسل قد اتفقت عليه الشرائع، لم يكن ذلك بعيداً، وقد كان أيضاً معلوماً ذلك عند المشركين أهل الجاهلية عَبَدة الأوثان، ولهذا إنّ النبيّ -صلى الله عليه وآله وسلم يقول:"لَوْلا أنَّ الرُّسلَ لا تُقْتلُ لضربتُ أعْناقَهُما" قاله لرسولي مسيلمة أخرجه أحمد وأبو داود فقوله: "لولا أنَّ الرُّسَلَ لا تُقْتلُ" فيه التصريح بأنَّ شأنَ الرُّسل أنهم لا يُقتلون في الإسلام وقبلَه".
المستأمَن
*المستأمَن: هو الحربيّ الذي دخَل دار الإسلام بأمان، دون نيةِ الاستيطان بها، والإقامةِ فيها بصفةٍ مستمرّةٍ، بل يكون قصْدُه إقامةَ مدّةٍ معلومةٍ، لا تزيد على سَنةٍ، فإن تجاوَزَها (١)، وقصَد الإقامة بصفةٍ دائمةٍ، فإنه يتحوّل إلى ذميّ، ويكون له
(١) هذا كلام الفقهاء؛ وتقدم قول الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "لكن قال العلماء: لا يجوز أن يُمكَّن مِن الإقامة في دار الإسلام سَنَة، ويجوز أن يمكَّن مِن إقامة أربعة أشهر، وفيما =