والعلماء قد تنازعوا في الرجل إِذا كان به أثر القتل -كجرح أو أثر ضرْب- فقال: فلان ضرَبني عمداً: هل يكون ذلك لوثاً؟ فقال أكثرهم كأبي حنيفة والشافعي وأحمد: ليس بلوث؛ وقال مالك: هو لوث.
فإِذا حلَف أولياء الدم خمسين يميناً حُكم به، ولو كان القتل خطأ فلا قَسامة فيه في أصح الروايتين عن مالك، وهذه الصورة قيل: لم تكن خطأ، فكيف وليس به أثرُ قتْل، وقد شهِد الناس بما شَهدوا به، فهذه الصورة ليس فيه قَسامة بلا ريب على مذهب الأئمّة".
وجاء في "المغني" (١٠/ ٩): " ... أن يزدحم الناسُ في مضيق؛ فيوجد فيهم قتيل، فظاهر كلام أحمد أن هذا ليس بلوث؛ فإِنه قال فيمن مات بالزحام يوم الجمعة؛ فدِيَتُه في بيت المال وهذا قول إسحاق ...
قال أحمد: فيمن وُجد مقتولاً في المسجد الحرام؛ يُنظر مَن كان بينه وبينه شيء في حياته -يعني: عداوة- يؤخذون فلم يجعل الحضور لوثاً، وإنما جعلَ اللوث العداوة ... ".
هل يُضرب المتهم ليُقرّ؟
جاء في "مجموع الفتاوى" (٣٤/ ١٥٤): "وسئل عمن اتُّهم بقتيل: فهل يُضرَب ليقرّ؟ أم لا؟
فأجاب: إِنْ كان هناك لوث -وهو ما يغلِب على الظن أنه قتَله- جاز لأولياء المقتول أن يحلفوا خمسين يميناً ويستحقّون دمه.
وأمّا ضرْبُه ليقرّ فلا يجوز إِلا مع القرائن التي تدُلّ على أنه قتَله، فإِنّ بعض العلماء جوّز تقريره بالضرب في هذه الحال، وبعضهم منَع مِن ذلك مطلقاً".