للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفرق بينه وبين الحدود:]

التعزير مخالف للحدود مِن ثلاثة أوجُه:

الأول: أنه يختلف باختلاف الناس، فتعزير ذوي الهيئات أخفّ، ويستوون في الحدود مع الناس.

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أقيلوا (١) ذوي الهيئات (٢) عثراتهم (٣) إِلا الحدود (٤) " (٥).

الثاني: أنها تجوز فيه الشفاعة دون الحدود؛ كما تقدّم في الحديث السابق: "إِلا الحدود".

الثالث: التالف به مضمون؛ خلافاً لأبي حنيفة ومالك.

وقد فَرَّق قومٌ بين التعزير والتأديب، ولا يتمّ لهم الفَرق، ويُسمّى تعزيراً؛


(١) أقيلوا: من الإِقالة، وهي الترك.
(٢) ذوي الهيئات: جمع هيئة، والمراد هنا: أهل المروءة والخصال الحميدة التي تأبى عليهم الطِّباع، وتجمع بهم الإِنسانية والألفة؛ أن يرضَوا لأنفسهم بنسبة الفساد والشرّ إِليهم. "فيض القدير".
(٣) عثراتهم: زلاتهم: أى ذنوبهم.
(٤) إِلا الحدود: أي إِلا فيما ما يوجب الحدود؛ إِذا بلغت الإِمام، وإلا الحقوق البشرية؛ فإِن كُلاًّ منهما يُقام، فالمأمور بالعفو عنه هفوة أو زلّة لا حدّ فيها، وهي مِن حقوق الحقّ؛ فلا يعزّر عليها وإِنْ رُفعت إِليه. "فيض القدير" أيضاً.
(٥) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (٣٦٧٩)، وأحمد والطحاوي في "مشكل الآثار" وغيرهم، وانظر "الصحيحة" (٦٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>