وشجّعهم على ذلك: أنهم وجدوا من قال من العلماء فيه: "لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به"! وهذا نفي، وهو ليس علماً؛ فإِن من المعلوم عند أهل العلم؛ أن عدم العلم بالشيء لا يستلزم العلم بعدمه، فإِذا ثبت الحديث عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وكان صريح الدلالة كهذا؛ وجبت المبادرة إِلى العمل به، ولا يتوقف ذلك على معرفة موقف أهل العلم منه، كما قال الإِمام الشافعي: "يُقْبَلُ الخبر في الوقت الذي يثبت فيه، وإن لم يَمْضِ عمل من الأئمة بمثل الخبر الذى قبلوا، إِن حديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يثبت بنفسه، لا يعمل غيره بعده". قلت [أي: شيخنا -رحمه الله-]: "فحديث رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَلُّ من أن يستشهد عليه بعمل الفقهاء به؛ فإِنه أصْل مستقل حاكم غير محكوم! ومع ذلك؛ فقد عمل بالحديث جماعة من أهل العلم؛ منهم عروة بن الزبير التابعي الجليل، فهل بعد هذا لأحد عذر في ترْك العمل به؟ {إِن في ذلك لِذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد}.