للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الأعرابي الذي سمعه النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يلبّي بالعمرة، وهو متضمّخ بالطيب وعليه جبّة؛ فأمره - عليه الصلاة والسلام- بأن يخلع الجبّة أو القميص وأن يغسل عنه الطيب، وقال له: "اصنع في عمرتك ما تصنع في حجّك" (١)؛ ولم يأمره بدم، مع أنّ الذي فعَله يدخل في كلام ابن عباس -رضي الله عنهما- ولا نجد ما يوجب الدّم إِلا ما هو معلوم بالأدلّة الصحيحة من الكتاب والسنّة ... " انتهى.

أثر ابن عباس -رضي الله عنهما-: من نسي من نسكه شيئاً أو تركه؛ فليهرِق دماً" (٢).

ولا بُد لنا من التأمّل في مسألة عظيمة كهذه - نسيان أو ترك مناسك مِن نسك الحج، لا يَرد فيها حديث مرفوع، والحاجة تقتضي ذلك؛ لكثرة وقوعها وملابستها من الناس، مع ما قد علمنا من أمر النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأخذ المناسك عنه؛ ومع ما لا يخفى من حِرص الصحابة -رضي الله عنهم- على التأسي والاقتداء به


(١) يشير شيخنا -رحمه الله- إِلى الحديث الذي رواه صفوان بن يعلى: أنّ يعلى قال لعمر -رضي الله عنه-: "أرني النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين يوحى إِليه، قال: فبينما النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالجعرانة -ومعه نفر من أصحابه-؛ جاءه رجل فقال: يا رسول الله! كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمّخ بطيب؟ فسكت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ساعة، فجاءه الوحي، فأشار عمر -رضي الله عنه- إِلى يعلى، فجاء يعلى -وعلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثوب قد أُظلّ به-؛ فأدخل رأسه، فإِذا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - محمرُّ الوجه وهو يَغطُّ، ثمّ سُرِّيَ عنه، فقال: أين الذي سأل عن العمرة؟ فأتي برجل فقال: اغسل الطّيب الذي بك ثلاث مرات، وانزع عنك الجُبّة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجّتك". أخرجه البخاري: ١٥٣٦، ومسلم: ١١٨٠.
(٢) وهو ضعيف مرفوعاً، وثابت موقوفاً كما في "الإِرواء" (١١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>