للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عدم استقبال القبور حين الدعاء:]

ولكنه لا يستقبل القبور حين الدعاء لها، بل الكعبة؛ لنهيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الصلاة إِلى القبور؛ كما سيأتي -إِن شاء الله تعالى- والدعاء مخُّ الصلاة ولبُّها كما هو معروف؛ فله حُكمها، وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الدعاء هو العبادة" وقرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم} إِلى قوله: {داخرين} " (١).

قال شيخنا -رحمه الله- (ص ٢٤٧): "فإِذا كان الدعاء من أعظم العبادة؛ فكيف يُتَوَجَّهُ به إِلى غير الجهة التي أمر باستقبالها في الصلاة؟! ولذلك كان من المُقرّر عند العلماء المُحققين أنه "لا يُستقبل بالدّعاء إِلا ما يستقبل بالصلاة".

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" (ص ١٧٥): "وهذا أصل مستمرٌّ: أنه لا يستحبُّ للداعي أن يستقبل إِلا ما يُستحبُّ أن يُصلّي إِليه، ألا ترى أنّ الرجل لما نُهي عن الصلاة إِلى جهة المشرق وغيرها؛ فإِنّه يُنهى أن يتحرّى استقبالها وقت الدعاء؟! ومن الناس من يتحرى وقت دعائه استقبال الجهة التي يكون فيها الرجل الصالح، سواءً كانت في المشرق أو غيره، وهذا ضلال بيّن، وشرٌّ واضح، كما أنّ بعض الناس يمتنع من استدبار الجهة التي فيها بعض الصالحين، وهو يستدبر الجهة التي فيها بيت الله، وقبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! وكلُّ هذه الأشياء من البدع التي تُضارع دين النصارى".


(١) أخرجه ابن المبارك في "الزهد"، والبخارى في "الأدب المفرد"، وأبو داود "صحيح سنن أبي داود" (١٣١٢)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (٣٠٨٦) وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>