والثاني منهما: قول علي -رضي الله عنه- للزوج حين قال: أمّا الفرقة فلا. قال: كذبت، حتى تُقرَّ بما أقرَّت به. قالوا: فلو كانا حاكمين لا افتقر إِلى إِقرار الزوج، والله أعلم.
قال الشيخ أبو عمر بن عبد البر: وأجمع العلماء على أن الحَكَمين، إِذا اختلف قولهما، فلا عبرة بقول الآخر، وأجمعوا على أن قولهما نافذ في الجمع وإن لم يوكلهما الزوجان، واختلفوا: هل ينفذ قولهما في التفرقة؛ ثمّ حكى عن الجمهور أنه ينفذ قولهما فيها أيضاً. انتهى
قلت: والذي يترجَّح لديّ أنَّ للحَكَمين أنْ يجمَعا وأنْ يُفرِّقا، وذلك إِذا كان فعْل أحدهما هو الأرضى لله -تعالى-، ويكون الأكثر مصلحة أو الأخفّ مفسَدَة للزوجين، وهذا قد يكون في جمْعهِما، وقد يكون في تفريْقهِما -والله أعلم-.
الظِّهار
أصْل الظهار مشتقٌّ من الظَّهْر، وذلك أنّ الجاهلية كانوا إِذا ظاهر أحدهم من امرأته قال لها: أنتِ عليّ كظهر أمّي، [وإنما خُصّ الظهر بذلك دون سائر الأعضاء؛ لأنه محلّ الركوب غالباً، ولذلك سُمّيَ المركوبُ ظهراً، فشُبّهت الزوجة بذلك لأنها مركوب الرجل].
... وكان الظهار عند الجاهلية طلاقاً، فأرخص الله لهذه الأمّة وجعَل فيه كفّارة، ولم يجعله طلاقاً؛ كما كانوا يعتمدونه في الجاهليّة (١).
(١) قاله ابن كثير -رحمه الله- في "تفسيره، وما بين معقوفين من "الفتح" (٩/ ٤٣٢).