وقال ابن حزم -رحمه الله-: "ونستحب زيارة القبور، وهو فرض ولو مرةً؛ ولا بأس بأن يزور المسلم قبر حميمه المشرك، الرجال والنساء سواءٌ.
لما روينا من طريق مسلم ثمّ ساق إِسناده إِلى بريدة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "نهيتكم عن زيارة القبور؛ فزوروها".
ومن طريق مسلم وساق إِسناده إِلى أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّه قال: زار النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبر أمه؛ فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي أن أستغفر لها؛ فلم يؤذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها؛ فأذن لي؛ فزوروا القبور؛ فإِنها تذكر الموت".
قال: وقد صح عن أم المؤمنين وابن عمر وغيرهما زيارة القبور.
وروي عن عمر النهي عن ذلك، ولم يصح". انتهى.
قلت: يزور للعبرة فقط؛ فيتعظ ويعتبر ويبكي؛ خوفاً من أن يموت مُشركاً.
[المقصود من زيارة القبور:]
المقصود من زيارة القبور شيئان:
١ - انتفاع الزائر بذِكر الموت والموتى، وأنّ مآلهم إِمّا إِلى جنة وإمّا إِلى نار، وهو الغرض الأول من الزيارة، كما يدلّ عليه ما سبَق من الأحاديث.
٢ - نفع الميت والإِحسان إِليه: بالسلام عليه، والدعاء، والاستغفار له، وهذا خاصٌّ بالمسلم.
فعن عائشة -رضي الله عنها- أيضاً أنها قالت: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلما كان ليلتها من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ يخرج من آخر الليل إِلى البقيع فيقول: السلام