والأحاديث الأخرى لا تنفيها؛ وإِنما تنفي عدوى مقرونة بالغفلة عن الله -تعالى- الخالق لها.
وما أشبه اليوم بالبارحة! فإِن الأطباء الأوربيين في أشد الغفلة عنه -تعالى- لشركهم وضلالهم، وإيمانهم بالعدوى على الطريقة الجاهلية! فلهؤلاء يقال:"فمن أعدى الأول؟! ".
فأمّا المؤمن الغافل عن الأخذ بالأسباب؛ فهو يُذكَّر بها، ويقال له -كما في حديث الترجمة-: "لا يورد الممرض على الصح"؛ أخذاً بالأسباب التي خلَقها الله -تعالى- وكما في بعض الأحاديث المتقدّمة (١): "وَفِرَّ من المجذوم فرارَك من الأسد" ... ".
وجاء في "مجموع الفتاوى" (٢٤/ ٢٨٤): "وسُئل عن رجل مبتلى، سكَن في دارٍ بين قوم أصحَّاء، فقال بعضهم: لا يمكننا مجاورتك، ولا ينبغي أن تجاور الأصحاء، فهل يجوز إِخراجه؟
فأجاب: نعم؛ لهم أن يمنعوه من السكن بين الأصحاء، فإِن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:"لا يورد ممرض على مُصح"؛ فنهى صاحب الإِبل الراض أن يوردها على صاحب الإِبل الصحاح، مع قوله:"لا عدوى ولا طِيَرة"، وكذلك روي أنه لما قدم مجذوم ليبايعه، أرسل إِليه بالبيعة، ولم يأذن له في دخول المدينة".
[ذكر الموت والاستعداد له بالعمل:]
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: كنت مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجاءه رجل
(١) إِشارة إِلى الحديث المتقدّم في "الصحيحة" (٧٨٠) وفيه: "واتقوا المجذوم كما يُتّقى الأسد".