للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثُروا أو قلُّوا (١).

ومن ثمّ يتبيَّن أنَّ مذهب ابن حزم أوسع المذاهب بالنسبة للحرابة، ومثله في ذلك المالكيَّة؛ لأنَّ كل من أخاف السبيل على أي نحوٍ من الأنحاء، وبأيّ صورة من الصور، يُعدُّ محارباً، مستحقاً لعقوبة الحرابة.

[عقوبة الحرابة:]

أنزل الله -سبحانه- في جريمة الحرابة قوله: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢).

فهذه الآية نزلت فيمن خرج من المسلمين يقطع السبيل، ويسعى في الأرض بالفساد؛ لقوله -سبحانه-: {إِلا الذينَ تَابُوا منْ قَبْلِ أنْ تَقْدرُوا عَلَيْهِم}.

وقد أجمع العلماء على أنَّ أهل الشرك إِذا وقعوا في أيدي المسلمين، فأسلموا، فإِنَّ الإِسلام يعصم دماءهم وأموالهم، وإِنْ كانوا قد ارتكبوا من المعاصي، قبل الإِسلام، ما يستوجب العقوبة: {قُلْ للذينَ كَفَروا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (٣).


(١) وتقدم غير بعيد.
(٢) المائدة: ٣٣ - ٣٤.
(٣) الأنفال: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>