للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: "فهذا إِخبارٌ مِن الله -تعالى- بمحبته عبادَه المؤمنين إذا اصطفُّوا مُواجِهين لأعداء الله في حومة الوَغى، يُقاتِلون في سبيل الله مَن كفَر بالله، لتكونَ كلمةُ الله هي العليا، ودينُه هو الظاهر العالي على سائر الأديان.

وقال ابن عباس: {كأنهم بنيانٌ مرصُوصٌ} مُثبَت لا يزول، مُلصَقٌ بعضُه ببعض. وقال قتادة: {كأنهم بنيانٌ مرصُوصٌ} ألم تَرَ إلى صاحِب البنيان، كيف لا يُحبُّ أن يَخْتَلف بنيانه؟. فكذلك الله -عزَّ وجلَّ- لا يُحبُّ أن يختلفَ أمرُه، وإنّ الله صفَّ المؤمنين في قتالهم، وصفَّهم في صلاتهم، فعليكم بأمر الله، فإنه عِصمةٌ لمَن أخَذ به ... " (١)

لماذا هُزِم المسلمون؟

لقد كثُرت على المسلمين النكبات والمصائب بعد القرون الخيرية، وطمع فينا الأعداء، وتداعَوا على أمّتنا؛ كما تتداعى الأكَلَةُ على قصعتها.

لقد احتلَّ المشركون والكُفَّار كثيراً من بلاد المسلمين وتسلَّطوا على أهلها، وعاثوا فساداً فيها؛ تقتيلاً وتذبيحاً وإهانةً وإذلالاً.

لقد مضى فينا قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يوشِك الأممُ أن تَدَاعى عليكم كما تَدَاعى الأكَلَةُ إلى قَصْعَتِها، فقال قائل: ومنْ قلةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ؛ ولكنَّكم غثاءٌ كغثاء السَّيْلِ، ولَيَنْزعنَّ اللهُ مِن صدور عدوِّكم المهابة منكم، وَلَيقْذِفنَّ الله في قلوبكم الوَهْنَ. فقال قائلٌ: يا رسول الله! وما الوَهْنُ؟ قال: حبُّ الدنيا وكراهية


(١) مُلتقط من "تفسير ابن كثير".

<<  <  ج: ص:  >  >>