للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خاصّاً وهو العسل (١)، الذي حرَّمه على نفسه، أو الأَمَة التي كان يطؤها؛ فلا اعتبار بخصوص السبب، فإِنَّ لفظ: {ما أحل الله لك} عامّ، وعلى فرض عدم العموم فلا فرق بين الأعيان التي هي حلال".

وفيه (ص ١٢١): "وفي الباب عن جماعة من الصحابة في تفسير الآية بمثل ما ذكرناه، وبالجملة: الحق ما ذكَرناه، وقد ذهب إِليه جماعة من الصحابة، ومن بعدهم، وجميع أهل الظاهر، وأكثر أصحاب الحديث، وهذا إِذا أراد تحريم العين، وأمَّا إِذا أراد الطلاق بلفظ التحريم؛ غير قاصد لمعنى اللفظ؛ بل قصد التسريح فلا مانع من وقوع الطلاق بهذه الكناية كسائر الكنايات".

[الطلاق بالكتابة:]

الكتابة من الوسائل التي تُعبّر عمّا في القلب كما يعبّر اللسان، وكثير من الخير والشرّ انتشر عن طريق الكتابة، وتشهد البشريَّة الآن كيف ينتشر الخير


(١) يشير -رحمه الله - إِلى حديث عائشة -رضي الله عنها- "أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلاً، قالت: فتواطيت أنا وحفصة: أنّ أيّتنا ما دخل عليها النّبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْتَقُلْ: إِني أجد منك ريح مغافير، أكلتَ مغافير؟ [جمع مغفور وهو صمغ حلو ... وله رائحة كريهة ينضحه شجر يقال له: العُرفُط .. يكون بالحجاز. "النووي".] فدخل على إِحداهما فقالت ذلك له، فقال: بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له، فنزل: {لمَ تُحرّم ما أحل الله لك} إلى قوله: {إن تتوبا} (لعائشة وحفصة)، {وإذ أسرَّ النّبيَّ} - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {إِلى بعض أزواجه حديثاً} (لقوله: بل شربتُ عسلاً) ". أخرجه مسلم: ١٤٧٤.
وفي رواية: "لا ولكنّي كنتُ أشرب عسلاً عند زينب ابنة جحش؛ فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً". أخرجه البخاري: ٤٩١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>