للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"وإنْ خرَج في جهاد تطوّعٍ بإذنهما، فمنَعاه منه بعد سَيْرِه وقبل وجوبه، فعليه الرجوع، لأنه معنى لو وجد في الابتداء مُنِع، فإذا وُجد في أثنائه منع؛ كسائر الموانع، إلاَّ أن يخاف على نفسه في الرجوع، أو يحدث له عذر؛ مِن مرض أو ذهاب نفقة أو نحوه، فإنْ أمكنه الإقامة في الطريق، وإلا مضى مع الجيش، فإذا حضَر الصفّ، تعيّن عليه بحضوره، ولم يَبْقَ لهما إذن. وإن كان رجوعهما عن الإذن بعد تعيُّن الجهاد عليه، لم يؤثّر رجوعهما شيئاً".

هل يُستأذَن الدائن (١)

ومن كان عليه دين حالٌّ أو مُؤجَّل، لم يجُز له الخروج إلى الغزو إلاَّ بإذن غريمه، إلاَّ أن يَتْرُك وفاءً، أو يقيمَ به كفيلاً، أو يُوَثِّقَه برهن، وبهذا قال الشافعي.

ورخَّص مالك في الغزو لمن لا يقدر على قضاء دينه؛ لأنه لا تتوجه المطالبة به، ولا حبْسه من أجله، فلم يُمنَع من الغزو، كما لو لم يكن عليه دين، ولنا أنّ الجهادَ تقصد منه الشهادة التي تفوت بها النفس، فيفوت الحقُّ بفواتها.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: "أنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: يُغفر للشهيد كلُّ ذنبٍ إلاّ الدَّيْن" (٢).

وعن أبي قتادة -رضي الله عنه-: "أنّ رسول الله قام فيهم، فذَكَر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله أرأيت إنْ قُتلتُ في سبيل الله تُكفّر عنِّي خطاياي؟ فقال له رسول الله: نعم، إن


(١) عن "المغني" (١٣/ ٢٧) بتصرف يسير، وزيادة حديث ابن عمرو -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه مسلم: ١٨٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>