قد يضعُف العبد عن الصوم في الصّيف، إِذا كان مِن أهل البلاد الحارّة، فليغتنِم الصوم في الشتاء؛ فإِنّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "الصوم في الشتاء؛ الغنيمة الباردة" (١).
جاء في "فيض القدير" (٤/ ٢٤٣): "الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة: أي: الغنيمة التي تحصل بغير مشقّة، والعرب تستعمل البارد في شيء ذي راحة، والبرد ضدّ الحرارة؛ لأنّ الحرارة غالبةً في بلادهم، فإِذا وجدوا برداً عدّوه راحة.
وقيل: الباردة الثابتة، من برد لي على فلان كذا، أي: ثبَت، أو الطيبة مِن برْد الهواء إِذا طاب.
والأصل في وقوع البرد عبارة عن الطيب، أيضاً إِنّ الهواء والماء لمّا كان طيبهما ببرْدهما؛ سيّما في بلاد تهامة والحجاز قيل: هواء بارد وماء بارد؛ على سبيل الاستطابة، ثمّ كَثُر حتى قيل: عيش بارد وغنيمة باردة. ذكَره الزمخشري.
قال الطيبي: والتركيب من قلب التشبيه؛ لأن الأصل الصوم في الشتاء كالغنيمة الباردة، وفيه من المبالغة أنّ الأصل في التشبيه أن يلحق الناقص بالكامل كما يقال: زيد كالأسد، فإِذا عكس وقيل: الأسد، يجعل الأصل كالفرع، والفرع كالأصل، يبلغ التشبيه إِلى الدرجة القصوى في المبالغة.