للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِليه: هو ما في "الصحيحين" عن عبد الله مولى أسماء: أنها نزلت ليلة جَمْعٍ عند المزدلفة، فقامت تصلّي، فصلّت ساعة ثمّ قالت: يا بُنَيَّ! هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا؛ فارتحلنا، فمضينا حتى رمت الجمرة، ثمّ رجعت فصلّت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هَنْتاه (١)! ما أرانا إِلا قد غَلَّسْنَا؟! قالت: يا بني! إِن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن للظعن -وفي لفظ لمسلم: لظعنه-.

وليس في هذا دليل على جواز رميها بعد نصف الليل، فإِن القمر يتأخر في الليلة العاشرة إِلى قبيل الفجر، وقد ذهبت أسماء بعد غيابه من مزدلفة إِلى منى، فلعلها وصلت مع الفجر أو بعده، فهي واقعة عين، ومع هذا فهي رخصة للظُّعن، وإِن دلت على تقدّم الرمي؛ فإِنما تدل على الرمي بعد طلوع الفجر. وهذا قول أحمد في رواية، واختيار ابن المنذر، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأصحابهما". انتهى.

تأخير الرمي بعد الزوال ولو إِلى الليل:

وله أن يرميها بعد الزوال ولو إِلى الليل؛ إِذا وجد حرجاً في رميها قبل الزوال.

عن ابن عباس -رضي الله عنه-: "كان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَل يوم النحر بمنى؟ فيقول: لا حرج. فسأله رجل، فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج. وقال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: لا حرج" (٢).

قال أبو عيسى: "حديث ابن عباس حديث حسن صحيح، والعمل على


(١) أي: يا هذه. "فتح".
(٢) أخرجه البخاري: ١٧٣٥، ومسلم: ١٣٠٦، وتقدّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>