هل يتيمّم إِذا كان قادراً على استعمال الماء، وخشي خروج الوقت باستعماله؟
قال شيخنا في الردِّ على الشيخ السيد سابق -حفظهما الله تعالى-: "والذي يتبيَّن لي خلافه (١)، وذلك لأنَّه من الثابت في الشريعة أنَّ التيمُّم إِنّما يشرع عند عدم وجود الماء بنصِّ القرآن الكريم، وتوسَّعت في ذلك السنّة المطهرة فأجازَتْه لمرض أو برد شديد كما ذكَره المؤلّف، فأين الدليل على جوازه مع قدرته على استعمال الماء؟
فإِن قيل: هو خشية خروج الوقت، قلتُ: هذا وحده لا يصلُح دليلاً، لأنَّ هذا الذي خشي خروج الوقت له حالتان لا ثالث لهما: إِمّا أن يكون ضاق عليه الوقت بكسبه وتكاسُله، أو بسببٍ لا يملكه مِثل النَّوم والنسيان، ففي هذه الحالة الثانية؛ فالوقت يبتدئ من حين الاستيقاظ أو التذكُّر بقدر ما يتمكن من أداء الصلاة فيه كما أُمِر، بدليل قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "من نسي صلاة أو نام عنها فكفَّارتها أن يصلِّيها إِذا ذكرها". أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم، فقد جعل الشارع الحكيم لهذا المعذور وقتاً خاصّاً به، فهو إِذا صلّى كما أمر، يستعمل الماء لغسله أو وضوئه، فليس يخشى عليه خروج الوقت، فثبَت أنّه لا يجوز له أن يتيمّم، وهو اختيار شيخ الإِسلام ابن تيمية كما في "الاختيارات" (ص١٢)، وذكَر في "المسائل الماردينية" (ص ٦٥) أنَّه مذهب الجمهور.
وأمّا في الحالة الأولى؛ فمن المسلَّم أنَّه في الأصل مأمور باستعمال الماء
(١) أي: أنَه لا يجوز التيمّم؛ لأن الشيخ السيد سابق -حفظه الله- يرى جواز ذلك، كما في "فقه السنّة" (١/ ٧٩).