للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدفن في المقبرة:]

والسّنّة الدفن في المقبرة؛ لأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدفن الموتى في مقبرة البقيع، كما تواترت الأخبار بذلك، وتقدّم بعضها في مناسبات شتى؛ أقربها حديث ابن الخصاصية، كما في المسألة السابقة، ولم ينقل عن أحد من السلف أنه دُفِنَ في غير المقبرة؛ إِلا ما تواتر أيضاً أن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُفِنَ في حجرته، وذلك من خصوصياته -عليه الصلاة والسلام-".

فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما قُبض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اختلفوا في دفنه، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئاً ما نسيته قال: "ما قبض الله نبيّاً إلاَّ في الموضع الذي يحبّ أن يدفن فيه"، فدفنوه في موضع فراشه" (١).

وجاء في "المغني" (٢/ ٣٨٨): "والدفن في مقابر المسلمين أعجب إِلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت؛ لأنّه أقل ضرراً على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة، وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى.

فإِن قيل: فالنّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبر في بيته وقبر صاحباه معه؟ قلنا: قالت عائشة: إِنما فعل ذلك لئلا يتخذ قبره مسجداً: رواه البخاري. ولأنّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يدفن أصحابه بالبقيع، وفعله أولى من فعل غيره، وإنما رأوا تخصيصه بذلك، ولأنّه روي: "يدفن الأنبياء حيث يموتون"، وصيانةً لهم عن كثرة الطُّرَّاق، وتمييزاً له عن غيره".


(١) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (٨١٢)، وابن ماجه وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>